وهذا التفاوت في التعبير في الآية، هو لبيان فائدة الليل والنهار، إذ جاء في شأن الليل لتسكنوا فيه وعبر عن النهار ب مبصر فلعل هذا الاختلاف في التعبير إشارة إلى أن الهدف الأصلي من وجود الليل هو السكون والهدوء، والهدف من الضوء والنهار ليس النظر فحسب، بل رؤية الوسائل الموصلة إلى مواهب الحياة والاستمتاع بها " فلاحظوا بدقة ".
وعلى كل حال، فهذه الآية وإن كانت تتكلم مباشرة عن التوحيد وتدبير عالم الوجود، إلا أنها ربما كانت إشارة لطيفة إلى مسألة المعاد، لأن النوم بمثابة الموت، واليقظة بمثابة الحياة بعد الموت!.
والآية التالية تتحدث عن مشاهد القيامة ومقدماتها، فتقول: واذكر يوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين أي خاضعين.
ويستفاد من مجموع آيات القرآن أن النفخ في الصور يقع مرتين أو ثلاث مرات.
فالمرة الأولى يقع النفخ في الصور عند نهاية الدنيا وبين يدي القيامة! وبها يفزع من في السماوات والأرض إلا من شاء الله!
والثانية " عند النفخ " يموت الجميع من سماع الصيحة، ولعل هاتين النفختين واحدة.
والمرة الثالثة ينفخ في الصور عند البعث وقيام القيامة.. إذ يحيا الموتى جميعا بهذه النفخة، وتبدأ الحياة الجديدة معها.
وهناك كلام بين المفسرين إلى أن الآية محل البحث هل تشير إلى النفخة الأولى أم الثانية أم الثالثة؟!.. القرائن الموجودة في الآية وما بعدها من الآيات تنطبق على النفختين، وقيل: بل هي تشمل الجميع.
إلا أن الظاهر من الآية يدل على أن النفخة هنا إشارة إلى النفخة الأولى التي