والتربية تقتضي أحيانا أن يتكرر الموضوع في " فواصل " مختلفة، وأن يذكر الناس به ليبقى في الذهن كما يقال.
فالسكن أو الهدوء الذي يحصل من ظلمة الليل، مسألة علمية وحقيقة مسلم بها، فسدل الليل ليست أسبابا إجبارية لتعطيل النشاطات اليومية فحسب، بل لها أثر عميق على سلسلة الأعصاب في الإنسان وسائر الحيوانات، ويجرها إلى الراحة والنوم العميق، أو كما يعبر القرآن عنه بالسكون!.
وكذلك العلاقة بين ضوء النهار والسعي والحركة التي هي من خصائص النور من الناحية العلمية - أيضا - ولا مجال للتردد فيها. فنور الشمس لا يضئ محيط الحياة ليبصر الإنسان به مأربه فحسب، بل يوقظ جميع ذرات وجود الإنسان ويوجهه إلى الحركة والنشاط!.
فهذه الآية توضح جانبا من التوحيد الربوبي، ولما كان المعبود الواقعي هو رب " عالم الوجود " ومدبره، فهي تشطب بالبطلان على وجوه الأوثان!... وتدعو المشركين إلى إعادة النظر في عبادتهم.
وينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة، وهي أن على الإنسان أن يجعل نفسه منسجما مع هذا النظام، فيستريح في الليل ويسعى في النهار، ليبقى نشطا صحيحا دائما... لا كالمنقاد لهواه الذي يطوي الليل يقظا ساهرا وينام النهار حتى الظهر!.
والطريف أن كلمة " مبصر " نسبت إلى النهار ووصف بها، مع أنها وصف للإنسان في النهار، وهذا نوع من التأكيد الجميل للاهتمام بالنشاط في النهار، كما يوصف الليل أحيانا بأنه " ليل نائم " (1).