هدى ورحمة لأن دليل حقانيته كامن في عظمة محتواه!
هدى ورحمة لأنه يهدي إلى سبيل الحق ويدل عليه!.
وذكر " المؤمنين " هنا خاصة.. هو لما ذكرناه آنفا من أنه ما لم تتوفر مرحلة من الإيمان في الانسان، وهي مرحلة الاستعداد لقبول الحق والتسليم لله، فإنه لا يستطيع الاستفادة من هذا المصدر الإلهي الفياض.
وحيث أن جماعة من بني إسرائيل وقفت بوجه القرآن والحقائق الواردة فيه، لأوامر الله، فإن الآية التالية تقول في شأنهم: إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم.
وبالرغم من أن هذه الآية لم تصرح بأن قضاء الله بينهم سيكون يوم القيامة...
إلا أنه بقرينة آيتين أخريين تتحدثان عن اختلافات بني إسرائيل، وأن الله يقضي بينهم يوم القيامة، يتضح أن مراد الآية محل البحث هو هذا المعنى ذاته.
ففي الآية (17) من سورة الجاثية يقول سبحانه: إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.
كما ورد في ذيل الآية (93) من سورة يونس، هذا النص المتقدم نفسه.
ووصف الله " بالعزيز " و " العليم " إشارة إلى ما ينبغي توفره في القاضي من هاتين الصفتين، " العلم " بصورة كافية و " القدرة " على إجراء الحكم، والله سبحانه أعلم من الجميع وأعزهم.
وهذا الكلام إضافة إلى أنه يبين عظمة القرآن، وهو تهديد لبني إسرائيل، فهو في الوقت ذاته تسلية عن قلب النبي وتسرية عنه، لذا فالآية التالية تقول: فتوكل على الله.
توكل على الله العزيز الذي لا يغلب، والعليم بكل شئ.. توكل على الله الذي أنزل القرآن على عظمته فجعله عندك، فتوكل عليه ولا تقلق من المشركين والمعاندين، لأنه يرعاك وإنك على الحق المبين.
وهنا ينقدح هذا السؤال، وهو: إذا كان القرآن حقا مبينا فلماذا خالفوه؟