ايصال النفع إلى الآخرين وعدمه معيارا لوجود الحياة وعدمها في الانسان.
فالإنسان الذي يرى بحسب الظاهر حيا، إلا أنه غارق في الشهوات، فلا يسمع صرخة لمظلوم، ولا صوتا لمنادي الحق، ولا ينظر بعين بصيرة فيرى آثار الله في خلقه، ولا يفكر ولو لحظة واحدة في مستقبله وماضيه.. فمثل هذا الإنسان ميت في منطق القرآن. أما الذين ما تزال آثارهم تملأ الدنيا بعد موتهم، وأفكارهم أسوة وقدوة للآخرين، فهؤلاء أحياء خالدون (1).
وبغض النظر عن هذه الأمور كلها.. فالإسلام - حسب ما لدينا من المدارك - يؤمن بالحياة البرزخية للناس.. والعجب أن بعض الوهابيين الجهلة يصرون على نفي أي نوع من أنواع الحياة والعلم بعد الوفاة، حتى للنبي (صلى الله عليه وآله) ويمنعون التوسل به، لأنه بزعمهم ميت ولا أثر للميت، والأعجب من ذلك أنهم يستندون إلى الآيات - محل البحث - لتأييد دعواهم!!
في حين أن بعضهم الآخر يصرح على أن للنبي نوعا من الحياة البرزخية، حياة أشرف من حياة الشهداء المصرح بها في القرآن، وقال: إنه يسمع سلام المسلم عليه (2).
والروايات في هذا الشأن كثيرة وافرة عن الفريقين الشيعة والسنة، أن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين يسمعون من يسلم عليهم من بعيد أو قريب، ويردون عليه سلامهم، كما أن أعمال الأمة تعرض عليهم (3).
ونقرأ في حديث ورد في صحيح البخاري في قصة معركة بدر أن النبي (صلى الله عليه وآله) مع بعض أصحابه وقف على " القليب " وقد ألقيت فيه أجساد قتلى المشركين، فناداهم بأسمائهم، وقال: هلا أطعتم الله ورسوله، لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا،