فالآيات التالية تجيب على هذا السؤال، فتقول: إذا كان أولئك لا يذعنون للحق المبين، ولا يؤثر في قلوبهم هذا الكلام المتين، فلا مجال للعجب.. ل إنك لا تسمع الموتى (1).
بل تسمع الأحياء الذين يبحثون عن الحق وأرواحهم تواقة إليه، أما إحياء الموتى - أو موتى الأحياء - لتعصبهم وعنادهم واستمرارهم على الذنب، فلا ترهق فكرك ونفسك من أجلهم وحتى لو كانوا احياء فإنهم صم لا يسمعون فلا يمكنهم أن يسمعوا صوتك، وخاصة إذا أداروا إليك ظهورهم وابتعدوا عنك ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين.
ولعلهم لو كانوا عندك وكنت تصرخ فيهم لبلغت بعض أمواج صوتك إلى مسامعهم، إلا أنهم مع صممهم يبتعدون عنك.
كما أنهم لو كانوا مع هذه الحال يبصرون بأعينهم لاهتدوا إلى الصراط المستقيم، ولو ببعض العلامات، إلا أنهم عمي وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم.
وهكذا فقد أوصدت جميع طرق إدراك الحقيقة بوجوههم، فقلوبهم ميتة، وآذانهم صم موقرة، وأعينهم عمي!
فأنت يا رسول الله إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ويشعرون في أنفسهم بالاذعان للحق.
وفي الحقيقة إن الآيتين - آنفتي الذكر - تتحدثان عن مجموعة واضحة من عوامل المعرفة وارتباط الإنسان بالعالم الخارجي وهي:
" حس التشخيص "، والعقل اليقظ، في مقابل القلب الميت.
" الأذن الصاغية " لاكتساب الكلام الحق، عن طريق السمع.