الآيتين (26) و (27) من سورة الجن عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.
وبتعبير آخر فإن علم الغيب بالذات، وبصورته المستقلة والمطلقة غير المحدودة، خاص بالله سبحانه، وكل علوم الآخرين مسترفدة من علمه تعالى.
ولكن مسألة تاريخ وقوع القيامة مستثناة من هذا الأمر أيضا، ولا يعلم بها أحد " إلا الله " (1).
ثم يتكلم القرآن عن عدم علم المشركين بيوم القيامة وشكهم وجهلهم، فيقول: بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون.
" ادارك " في الأصل " تدارك " ومعناه التتابع أو لحوق الآخر بالأول، فمفهوم جملة: بل ادارك علمهم في الآخرة أنهم لم يصلوا إلى شئ بالرغم مما بذلوه من تفكير، وجمعوا المعلومات في هذا الشأن، لذلك فإن القرآن يضيف مباشرة بعد هذه الجملة بل هم في شك منها بل هم منها عمون. لأن دلائل الآخرة ظاهرة في هذه الدنيا، فعودة الأرض الميتة إلى الحياة في فصل الربيع، وإزهار الأشجار وإثمارها مع أنها كانت في فصل الشتاء جرداء!... ومشاهدة عظمة قدرة الخالق في مجموعة الخلق والوجود، كلها دلائل على إمكان الحياة بعد الموت، إلا أنهم كالعمي الذين لا يبصرون كل شئ!
وبالطبع فإن هناك تفاسير أخر للجملة أعلاه، منها أن المراد من ادارك علمهم في الآخرة أن أسباب التوصل للعلم في شأن الآخرة متوافرة ومتتابعة، إلا أنهم عمي عنها.
وقال بعضهم: إن المراد منها أنهم عندما تكشف الحجب في يوم الآخرة، فإنهم سيعرفون حقائق الآخرة بشكل كاف.