وأما قولهم: بدوران الأخلاق في حسنها مدار موافقتها لغاية المرام الاجتماعي واستنتاجهم ذلك من دوران حسنها مدار موافقة غاية الاجتماع ففيه مغالطة واضحة فإن المراد بالاجتماع الهيئة الحاصلة من عمل مجموع القوانين التي قررتها الطبيعة بين الافراد المجتمعين ولا محالة تكون موصلة إلى سعادتهم لولا الاخلال بانتظامها وجريها، ولا محالة لها أحكام: من الحسن والقبح والفضيلة والرذيلة، والمراد بالمرام مجموع الفرضيات التي وضعت لايجاد اجتماع على هيئت جديدة بتحميلها على الافراد المجتمعين، أعني أن الاجتماع والمرام متغايران بالفعلية والقوة، والتحقق وفرض التحقق، فكيف يصير حكم أحد هما عين حكم الاخر، وكيف يكون الحسن والقبح، والفضيلة والرذيلة التي عينها الاجتماع العام باقتضاء من الطبيعة الانسانية متبدلة إلى ما حكم به المرام الذي ليس الا فرضا من فارض؟
ولو قيل: أن لا حكم للاجتماع العام الطبيعي من نفسه، بل الحكم للمرام، وخاصة إذا كانت فرضية متلائمة لسعادة الافراد عاد الكلام السابق في الحسن والقبح، والفضيلة والرذيلة، وأنها تنتهي بالآخرة إلى اقتضاء مستمر من الطبيعة.
على أن هيهنا محذورا آخر وهو أن الحسن والقبح وسائر الأحكام الاجتماعية - وهى التي تعتمد عليها الحجة الاجتماعية وتتألف منها الاستدلالات - لو كانت تابعة للمرام، ومن الممكن بل الواقع تحقق مرامات مختلفة متناقضة متباينة أدى ذلك إلى إرتفاع الحجة المشتركة المقبولة عند عامة الاجتماعات، ولم يكن التقدم والنجاح حينئذ إلا للقدرة والتحكم، وكيف يمكن أن يقال ان الطبيعة الانسانية ساقت افرادها إلى حياة اجتماعية لا تفاهم بين أجزائها ولا حكم يجمعها إلا حكم مبطل لنفس الاجتماع؟ وهل هذا إلا تناقض شنيع في حكم الطبيعة واقتضائها الوجودي؟
(بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم عن الباقر عليه السلام قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني راغب نشيط في الجهاد. قال: فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله مرزوقا وإن