إله الانسان وغيره واحد.
قوله تعالى: والسحاب المسخر بين السماء والأرض، السحاب البخار المتكاثف الذي منه الأمطار وهو ضباب بالفتح ما لم ينفصل من الأرض فإذا انفصل وعلا سمي سحابا وغيما وغماما وغير ذلك، والتسخير قهر الشئ وتذليله في عمله، والسحاب مسخر مقهور في سيره وإمطاره بالريح والبرودة وغيرهما المسلطة عليه بإذن الله، والكلام في كون السحاب آية نظير الكلام في غيره مما عد معه.
واعلم: أن اختلاف الليل والنهار والماء النازل من السماء والرياح المصرفة والسحاب المسخر جمل الحوادث العامة التي منها يتألف نظام التكوين في الأرضيات من المركبات النباتية والحيوانية وغيرهما فهذه الآية كالتفصيل بوجه لاجمال قوله تعالى:
(وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) فصلت - 10.
قوله تعالى: لآيات لقوم يعقلون، العقل - وهو مصدر عقل يعقل - إدراك الشئ وفهمه التام، ومنه العقل اسم لما يميز به الانسان بين الصلاح والفساد وبين الحق و الباطل والصدق والكذب وهو نفس الانسان المدرك وليس بقوة من قواه التي هي كالفروع للنفس كالقوة الحافظة و الباصرة وغيرهما.
قوله تعالى: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا، الند كالمثل وزنا ومعنى، ولم يقل من يتخذ لله أندادا كما عبر بذلك في سائر الموارد كقوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادا) البقرة - 22، وقوله تعالى: (وجعلوا لله أندادا) إبراهيم - 30، وغير ذلك لان المقام مسبوق بالحصر في قوله: (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الآية، فكان من اتخذ لله أندادا قد نقض الحصر من غير مجوز واتخذ من يعلم أنه ليس بإله إلها اتباعا للهوى وتهوينا لحكم عقله ولذلك نكره تحقيرا لشأنه، فقال ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا.
قوله تعالى: يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله، وفي التعبير بلفظ يحبونهم دلالة على أن المراد بالأنداد ليس هو الأصنام فقط بل يشمل الملائكة، وأفرادا من الانسان الذين اتخذوهم أربابا من دون الله تعالى بل يعم كل مطاع من دون الله من غير أن يأذن الله في إطاعته كما يشهد به ما في ذيل الآيات من قوله: (إذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) البقرة - 166، وكما قال تعالى: (ولا يتخذ بعضنا بعضا