اشتماله على ما لا تصدقه العادة الجارية في الطبيعة من إستناد المسببات إلى أسبابها المعهودة المشخصة من غير استثناء في حكم السببية أو تخلف واختلاف في قانون العلية، والقرآن يبين حقيقة الامر ويزيل الشبهة فيه.
فالقرآن يشدق في بيان الامر من جهتين.
الأولى: أن الاعجاز ثابت ومن مصاديقه القران المثبت لأصل الاعجاز ولكون منه بالتحدي.
الثانية: أنه ما هو حقيقة الاعجاز وكيف يقع في الطبيعة أمر يخرق عادتها وينقض كليتها.
(إعجاز القرآن) لا ريب في أن القرآن يتحدى بالاعجاز في آيات كثيرة مختلفة مكية ومدنية تدل جميعها على أن القرآن آية معجزة خارقة حتى أن الآية السابقة أعني قوله تعالى:
(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) الآية، اي من مثل لنبي (صلى إليه عليه وآله وسلم) إستدلال على كون القرآن معجزة بالتحدي على إتيان سورة نظيرة سورة من مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا أنه إستدلال على النبوة مستقيما وبلا واسطة، والدليل عليه قوله تعالى في اولها: (وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) ولم يقل وان كنتم في ريب من رسالة عبدنا، فجميع التحديات الواقعة في القرآن نحو استدلال على كون القرآن معجزة خارقة من عند الله، والآيات المشتملة على التحدي مختلفة في العموم والخصوص ومن أعمها تحديا قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) الاسراء - 88، والآية مكية وفيها من عموم التحدي ما لا يرتاب فيه ذو مسكة . فلو كان التحدي ببلاغة بيان القرآن وجزالة أسلوبه فقط لم يتعد التحدي قوما خاصا وهم العرب العرباء من الجاهليين والمخضرمين قبل اختلاط اللسان وفساده، وقد قرع بالآية أسماع الإنس والجن.
وكذا غير البلاغة والجزالة من كل صفة خاصة اشتمل عليها القرآن كالمعارف