شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة من طرق أئمة أهل البيت وكذا من طرق أهل السنة والجماعة بالغة حد التواتر، وهي من حيث المجموع إنما تدل على معنى واحد وهو الشفاعة على المذنبين من أهل الايمان إما بالتخليص من دخول النار وإما بالاخراج منها بعد الدخول فيها، والمتيقن منها عدم خلود المذنبين من أهل الايمان في النار وقد عرفت أن القرآن أيضا لا يدل على أزيد من ذلك.
(بحث فلسفي) البراهين العقلية وإن قصرت عن إعطاء التفاصيل الواردة كتابا وسنة في المعاد لعدم نيلها المقدمات المتوسطة في الاستنتاج على ما ذكره الشيخ ابن سينا لكنها تنال ما يستقبله الانسان من كمالاته العقلية والمثالية في صراطي السعادة والشقاوة بعد مفارقة نفسه بدنه من جهة التجرد العقلي والمثالي الناهض عليهما البرهان.
فالانسان في بادئ أمره يحصل له من كل فعل يفعله هيئة نفسانية وحال من أحوال السعادة والشقاوة، ونعني بالسعادة ما هو خير له من حيث أنه إنسان، وبالشقاوة ما يقابل ذلك، ثم تصير تلك الأحوال بتكررها ملكة راسخة، ثم يتحصل منها صورة سعيدة أو شقية للنفس تكون مبدئا لهيئات وصور نفسانية، فإن كانت سعيدة فأثارها وجودية ملائمة للصورة الجديدة، وللنفس التي هي بمنزلة المادة القابلة لها، وان كانت شقية فأثارها أمور عدمية ترجع بالتحليل إلى الفقدان والشر، فالنفس السعيدة تلتذ بآثارها بما هي انسان، وتلتذ بها بما هي انسان سعيد بالفعل، والنفس الشقية وان كانت آثارها مستأنسة لها وملائمة بما أنها مبدأ لها لكنها تتألم بها بما انها انسان، هذا بالنسبة إلى النفوس الكاملة في جانب السعادة والشقاوة، أعني الانسان السعيد ذاتا والصالح عملا والانسان الشقى ذاتا والطالح عملا، واما الناقصة في سعادتها وشقاوتها فالانسان السعيد ذاتا الشقى فعلا بمعنى ان يكون ذاته ذات صورة سعيدة بالاعتقاد الحق الثابت غير أن في نفسه هيئات شقية ردية من الذنوب والاثام اكتسبتها حين تعلقها بالبدن الدنيوي وارتضاعها من ثدي الاختيار، فهي أمور قسرية غير ملائمة لذاته، وقد أقيم البرهان على أن القسر لا يدوم، فهذه النفس سترزق التطهر منها في برزخ أو