الطبيعي، فيقدمون إلى آلهتم أنواع القرابين والهدايا للصفح عن جرائمهم أو الامداد في حوائجهم، أو يستشفعون بها، أو يفدون بشئ عن جريمة أو يستنصرون بنفس أو سلاح حتى أنهم كانوا يدفنون مع الأموات أنواع الزخرف والزينة، ليكون معهم ما يتمتعون به في آخرتهم، ومن أنواع السلاح ما يدافعون به عن أنفسهم، وربما ألحدوا معه من الجواري من يستأنس بها، ومن الابطال من يستنصر به الميت، وتوجد اليوم في المتاحف بين آثار الأرضية عتائق كثيرة من هذا القبيل، ويوجد عقائد متنوعة شبيهة بتلك العقائد بين الملل الاسلامية على اختلاف السنتهم وألوانهم، بقيت بينهم بالتوارث، ربما تلونت لونا بعد لون، جيلا بعد جيل، وقد أبطل القرآن جميع هذه الآراء الواهية، والأقاويل الكاذبة، فقد قال عز من قائل: (والامر يومئذ لله، الانفطار - 19، وقال: (ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب) البقرة - 166، وقال: (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعائكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء، لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) الانعام - 94، وقال: (هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) يونس - 30، إلى غير ذلك من الآيات التي بين فيها: أن الموطن خال عن الأسباب الدنيوية، وبمعزل عن الارتباطات الطبيعية، وهذا أصل يتفرع عليه بطلان كل واحد من تلك الأقاويل والأوهام على طريق الاجمال، ثم فصل القول في نفي واحد واحد منها وإبطاله فقال: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) البقرة - 48، وقال: (يوم لا بيع فيه، ولا خلة، ولا شفاعة) البقرة - 254، وقال: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) الدخان - 41، وقال (يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم) المؤمن - 33، وقال: (ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون) الصافات - 26، وقال: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعائنا عند الله قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) يونس - 18، وقال: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) المؤمن - 18، وقال: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) الشعراء - 101، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة النافية لوقوع الشفاعة وتأثير الوسائط
(١٥٥)