تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٨٦
الدعوة لاشتمالها على ما تنكره النفوس ولا تعرفه العقول (على طريقة المنع مع السند باصطلاح فن المناظرة) وهذه البينة هي المعجزة، بيان ذلك أن دعوى النبوة والرسالة من كل نبي ورسول على ما يقصه القرآن إنما كانت بدعوى الوحي والتكليم الإلهي بلا واسطة أو بواسطة نزول الملك، وهذا أمر لا يساعد عليه الحس ولا تؤيده التجربة فيتوجه عليه الاشكال من جهتين: أحديهما من جهة عدم الدليل عليه، والثانية من جهة الدليل على عدمه، فإن الوحي والتكليم الإلهي وما يتلوه من التشريع والتربية الدينية مما لا يشاهده البشر من أنفسهم، والعادة الجارية في الأسباب والمسببات تنكره فهو أمر خارق للعادة، وقانون العلية العامة لا يجوزه، فلو كان النبي صادقا في دعواه النبوة والوحي كان لازمه أنه متصل بما وراء الطبيعة، مؤيد بقوة إلهية تقدر على خرق العادة وأن الله سبحانه يريد بنبوته والوحي إليه خرق العادة، فلو كان هذا حقا ولا فرق بين خارق وخارق كان من الممكن إن يصدر من النبي خارق آخر للعادة من غير مانع وأن يخرق الله العادة بأمر آخر يصدق النبوة والوحي من غير مانع عنه فإن حكم الأمثال واحد فلئن أراد الله هداية الناس بطريق خارق للعادة وهو طريق النبوة والوحي فليؤيدها وليصدقها بخارق آخر وهو المعجزة.
وهذا هو الذي بعث الأمم إلى سؤال المعجزة على صدق دعوى النبوة كلما جائهم رسول من أنفسهم بعثا بالفطرة والغريزة وكان سؤال المعجزة لتأييد الرسالة وتصديقها لا للدلالة على صدق المعارف الحقة التي كان الأنبياء يدعون إليها مما يمكن أن يناله البرهان كالتوحيد والمعاد، ونظير هذا ما لو جاء رجل بالرسالة إلى قوم من قبل سيدهم الحاكم عليهم ومعه أوامر ونواه يدعيها للسيد فإن بيانه لهذه الأحكام وإقامته البرهان على أن هذه الأحكام مشتملة على مصلحة القوم وهم يعلمون أن سيدهم لا يريد إلا صلاح شأنهم، إنما يكفي في كون الاحكام التي جاء بها حقة صالحة للعمل ولا تكفى البراهين والأدلة المذكورة في صدق رسالته وأن سيدهم أراد منهم بإرساله إليهم ما جاء به من الاحكام بل يطالبونه ببينة أو علامة تدل على صدقه في دعواه ككتاب بخطه وخاتمه يقرئونه، أو علامة يعرفونها، كما قال المشركون للنبي: (حتى تنزل علينا كتابا نقرأه) أسرى - 93.
فقد تبين بما ذكرناه أولا: التلازم بين صدق دعوى الرسالة وبين المعجزة وأنها
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في مسلك البحث التفسيري في الكتاب. 4
2 سورة الفاتحة 15
3 آية (1 - 5) معنى الحمد وأنه لله سبحانه. (بحث قرآني) 19
4 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 24
5 (6 - 7) معنى الصراط والهداية. (بحث قرآني) 28
6 معنى جرى القرآن. (بحث روائي) 37
7 سورة البقرة 43
8 آية (1 - 5) جواز التعويل على غير المحسوسات (بحث فلسفي) 47
9 وجود العلم. (بحث فلسفي) 49
10 (6 - 7) وجوه الكفر. (بحث روائي) 53
11 (21 - 25) الكلام في الاعجاز وإعجاز القرآن. (بحث قرآني) 58
12 الاعجاز وماهيته (بحث قرآني) 58
13 إعجاز القرآن. (بحث قرآني) 59
14 تحديه العام. (بحث قرآني) 59
15 تحديه بالعلم. (بحث قرآني) 62
16 التحدي بمن أنزل عليه. (بحث قرآني) 63
17 تحدي القرآن بالاخبار عن الغيب. (بحث قرآني) 64
18 تحديه بعدم الاختلاف فيه. (بحث قرآني) 66
19 التحدي بالبلاغة. (بحث قرآني) 68
20 معنى المعجزة في القرآن وما يفسر به حقيقتها. (بحث قرآني) 73
21 1 - تصديق القرآن قانون العلية العام. (بحث قرآني) 74
22 2 - إثبات القرآن ما يخرق العادة. (بحث قرآني) 74
23 3 - القرآن يسند ما أسنده إلى العلة المادية إلى الله أيضا. (بحث قرآني) 78
24 4 - القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الأنبياء في الخوارق. (بحث قرآني) 79
25 5 - القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله سبحانه. (بحث قرآني) 80
26 6 - القرآن يسند المعجزة إلى سبب غير مغلوب (بحث قرآني) 82
27 القرآن يعد المعجزة برهانا على صحة الرسالة لا دليلا عاميا. (بحث قرآني) 83
28 كلام في معنى الرسالة وما يلحق بها. (بحث قرآني) 86
29 (آية 26 - 27) المجازاة وتجسم الأعمال. (بحث قرآني) 91
30 الجبر والتفويض والامر بين الامرين. (بحث قرآني) 93
31 فيه أيضا. (بحث روائي) 97
32 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 105
33 (30 - 33) معنى جعل الخلافة وتعليم الأسماء لآدم. (بحث قرآني) 116
34 (35 - 39) جنة آدم (عليه السلام). (بحث قرآني) 127
35 أيضا فيه. (بحث روائي) 138
36 (47 - 48) أبحاث الشفاعة. (بحث قرآني) 155
37 1 - ما هي الشفاعة؟ (بحث قرآني) 157
38 2 - إشكالات الشفاعة؟ (بحث قرآني) 162
39 3 - فيمن تجري الشفاعة؟ (بحث قرآني) 169
40 4 - من تقع منه الشفاعة؟ (بحث قرآني) 171
41 5 - بماذا تتعلق الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
42 6 - متى تنفع الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
43 بحث آخر فيها. (بحث روائي) 174
44 بحث آخر فيها أيضا. (بحث فلسفي) 183
45 بحث آخر فيها أيضا. (بحث اجتماعي) 184
46 (62) الصابئين. (بحث تاريخي) 194
47 (63 - 74) إحياء الأموات والمسخ. (بحث فلسفي) 205
48 معنى التقليد. (بحث علمي أخلاقي) 209
49 (102 - 103) فيما نسب من السحر إلى سليمان وهاروت وماروت. (بحث قرآني) 233
50 بحث آخر فيه. (بحث روائي) 237
51 بحث آخر فيه أيضا. (بحث فلسفي) 241
52 أقسام الفنون الباحثة عن غرائب الآثار. (بحث علمي) 244
53 (106 - 107) النسخ. (بحث قرآني) 249
54 (116 - 117) نفى الولد عنه تعالى. (بحث قرآني) 261
55 تميزات الذوات وجودا وبداعة الايجاد. (بحث علمي وفلسفي) 262
56 (116 - 134) الإمامة وإثبات أمهات مسائلها. (بحث قرآني) 267
57 (125 - 129) قصة بناء إبراهيم (عليه السلام) للكعبة وما يتعلق بها من دعائه للنبي وأمته ومعنى ذلك. (بحث قرآني) 280
58 أيضا فيه وما أورد على ما ورد في فضائل الكعبة والجواب عنه (بحث روائي) 286
59 معنى قصة إبراهيم وسر تشريع الحج. (بحث علمي) 298
60 (130 - 134) معنى الاسلام - مراتب الاسلام والايمان. (بحث قرآني) 301
61 (142 - 151) تشريع القبلة ومعنى شهادة الأمة على الناس والرسول على الأمة. (بحث قرآني) 317
62 أيضا فيه (بحث روائي) 331
63 تشخيص القبلة (بحث علمي تاريخي) 335
64 أيضا في معنى القبلة وفوائد ها. (بحث اجتماعي) 337
65 (151) معنى الذكر. (بحث قرآني) 339
66 (153 - 157) نشأة البرزخ. (بحث قرآني) 347
67 تجرد النفس. (بحث قرآني) 350
68 الأخلاق. (بحث قرآني) 354
69 البرزخ أيضا. (بحث روائي) 362
70 تجرد النفس أيضا. (بحث فلسفي) 364
71 بحث في الأخلاق. (بحث أخلاقي) 370
72 (162 - 167) استناد مصنوعات الانسان إلى الله سبحانه. (بحث قرآني) 400
73 (163 - 167) معنى الحب وتعلقه بالله تعالى. (بحث قرآني) 405
74 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 409
75 دوام العذاب وانقطاعه. (بحث فلسفي) 412
76 التقليد واتباع الخرافة. (بحث أخلاقي اجتماعي 421
77 معنى الأبرار. (بحث قرآني) 430
78 (177 - 179) القصاص وما أشكل عليه والجواب عنه. (بحث علمي) 434