(بحث روائي) في المجمع عن القمي في تفسيره في قوله تعالى سيقول السفهاء الآية، عن الصادق عليه السلام قال تحولت القبلة إلى الكعبة، بعد ما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ثلث عشرة سنة إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر، قال ثم وجهه الله إلى مكة، وذلك أن اليهود كانوا يعيرون على رسول الله يقولون أنت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا، فاغتم رسول الله من ذلك غما شديدا، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء، ينتظر من الله في ذلك أمرا، فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بنى سالم، وقد صلى من الظهر ركعتين فنزل جبرئيل فأخذ بعضديه وحوله إلى الكعبة وأنزل عليه: (قد نرى تقلب وجهك في السماء، فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام) فكان قد صلى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ أقول: والروايات الواردة من طرق العامة والخاصة كثيرة مودعة في جوامع الحديث قريبة المضامين، وقد اختلف في تاريخ الواقعة، وأكثرها - وهو الأصح - أنها كانت في رجب السنة الثانية من الهجرة الشهر السابع عشر منها وسيجئ بعض ما يتعلق بالمقام في بحث على حده إنشاء الله.
وعن طرق أهل السنة والجماعة في شهادة هذه الأمة على الناس، وشهادة النبي عليهم أن الأمم يوم القيمة يجحدون تبليغ الأنبياء فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا - وهو أعلم - فيؤتي بأمة محمد، فيشهدون، فتقول الأمم من أين عرفتم؟ فيقولون عرفنا ذلك بإخبار الله تعالى في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق، فيؤتى بمحمد، ويسئل عن حال أمته، فيزكيهم ويشهد بعدالتهم، وذلك قوله تعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد.
أقول: ما يشتمل عليه هذا الخبر - وهو مؤيد بأخبار أخر نقلها السيوطي في الدر المنثور وغيره - من تزكية رسول الله لامته، وتعديله إياهم، لعله يراد به تعديله لبعضهم دون جميعهم، وإلا فهو مدفوع بالضرورة الثابتة من الكتاب والسنة، وكيف