الامر شئ إذ لا استقلال له بوجه أصلا فله الملك في وجوده وقواه وأفعاله حقيقة.
ثم إنه تعالى ملكه بالاذن نسبة ذاته، ومن هناك يقال: للانسان وجود، وكذا نسبة قواه وأفعاله ومن هناك يقال: للانسان قوى كالسمع والبصر، ويقال: للانسان أفعال كالمشى والنطق، والأكل والشرب، ولولا الاذن الإلهي لم يملك الانسان ولا غيره من المخلوقات نسبة من هذه النسب الظاهرة، لعدم استقلال في وجودها من دون الله أصلا.
وقد أخبر سبحانه: أن الأشياء سيعود إلى حالها قبل الاذن ولا يبقي ملك إلا لله وحده، قال تعالى: (لمن الملك اليوم. لله الواحد القهار) المؤمن - 16، وفيه رجوع الانسان بجميع ما له ومعه إلى الله سبحانه.
فهناك ملك حقيقي هو لله سبحانه لا شريك له فيه، لا الانسان ولا غيره، وملك ظاهري صوري كملك الانسان نفسه وولده وماله وغير ذلك، وهو لله سبحانه حقيقة، وللانسان بتمليكه تعالى في الظاهر مجازا، فإذا تذكر الانسان حقيقة ملكه تعالى، ونسبه إلى نفسه فوجد نفسه ملكا طلقا لربه، وتذكر أيضا ان الملك الظاهري فيما بين الانسان ومن جملتها ملك نفسه لنفسه وماله وولده سيبطل فيعود راجعا إلى ربه وجد أنه بالآخرة لا يملك شيئا أصلا لا حقيقة ولا مجازا، وإذا كان كذلك لم يكن معنى للتأثر عن المصائب الموجبة للتأثر عند إصابتها فإن التأثر إنما يكون من جهة فقد الانسان شيئا مما يملكه، حتى يفرح بوجدانه، ويحزن بفقدانه، وأما إذا أذعن واعتقد أنه لا يملك شيئا لم يتأثر ولم يحزن، وكيف يتأثر من يؤمن بأن الله له الملك وحده يتصرف في ملكه كيف يشاء؟
(الأخلاق) إعلم أن إصلاح أخلاق النفس وملكاتها في جانبي العلم والعمل، واكتساب الأخلاق الفاضلة، وإزالة الأخلاق الرذيلة انما هو بتكرار الأعمال الصالحة المناسبة لها ومزاولتها، والمداومة عليها، حتى تثبت في النفس من الموارد الجزئية علوم جزئية، وتتراكم وتنتقش في النفس انتقاشا متعذر الزوال أو متعسرها، مثلا إذا أراد الانسان