والكلام في الاجتماع الشخصي القائم بين أفراد قوم أو في عصر أو في محيط، ونوع الاجتماع القائم بنوع الانسان المستمر باستمراره والمتحول بتحولة (لو صح أن الاجتماع كالانسان المجتمع حال خارجي لطبيعة خارجية!) نظير القول في طبيعة الانسان الشخصية والنوعية في التقييد والاطلاق.
فالاجتماع متحرك متبدل بحركة الانسان وتبدله وله وحدة من بادئ الحركة إلى أين توجه بوجود مطلق - وهذا الواحد المتغير بواسطة نسبته وإضافته إلى كل حد حد تصير قطعة قطعة، وكل قطعة شخص واحد من أشخاص الاجتماع، وأشخاص الاجتماع مستندة في وجودها إلى أشخاص الانسان كما، أن مطلق الاجتماع بالمعنى الذي تقدم مستند إلى مطلق الطبيعة الانسانية، فإن حكم الشخص شخص الحكم وفرده، وحكم المطلق مطلق الحكم (لا كلي الحكم، فلسنا نعني الاطلاق المفهومي فلا تغفل) ونحن لا نشك أن الفرد من الانسان وهو واحد له حكم واحد باق ببقائه، إلا إنه متبدل بتبدلات جزئية بتبع التبدلات الطارئة على موضوعه الذي هو الانسان فمن أحكام الانسان الطبيعي أنه يتغذى ويفعل بالإرادة ويحس ويتفكر - وهو موجود مع الانسان وباق ببقائه - وإن تبدل طبق تبدله في نفسه، وكذلك الكلام في أحكام مطلق الانسان الموجود بوجود أفراده.
ولما كان الاجتماع من أحكام الطبيعة الانسانية وخواصها فمطلق الاجتماع (نعني به الاجتماع المستمر الذي أوجدته الطبيعة الانسانية المستمرة من حين وجد الانسان الفرد إلى يومنا هذا) من خواص النوع الانساني المطلق موجود معه باق ببقائه، وأحكام الاجتماع التي أوجدها واقتضاها هي مع الاجتماع موجودة بوجوده، باقية ببقائه، وإن تبدلت بتبدلات جزئية مع انحفاظ الأصل مثل نوعها، وحينئذ صح لنا أن نقول: إن هناك أحكاما اجتماعية باقية غير متغيرة، كوجود مطلق الحسن والقبح، كما أن نفس الاجتماع المطلق كذلك، بمعنى أن الاجتماع لا ينقلب إلى غير الاجتماع كالانفراد وإن تبدل اجتماع خاص إلى آخر خاص، والحسن المطلق والخاص كالاجتماع المطلق والخاص بعينه.
ثم إنا نرى أن الفرد من الانسان يحتاج في وجوده وبقائه إلى كمالات ومنافع يجب