متعلقة بهما، وتفريع قوله: فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) إنما هو للايذان بأصل تشريع السعي بين الصفا والمروة، لا لإفادة الندب، ولو كان المراد إفادة الندب كان الأنسب بسياق الكلام أن يمدح التطوف لا أن ينفي ذمه، فإن حاصل المعنى أنه لما كان الصفا والمروة معبدين ومنسكين من معابد الله فلا يضركم أن تعبدوه فيهما، وهذا لسان التشريع، ولو كان المراد إفادة الندب كان الأنسب أن يفاد أن الصفا والمروة، لما كانا من شعائر الله فإن الله يحب السعي بينهما - وهو ظاهر - والتعبير بأمثال هذا القول الذي لا يفيد وحده الالزام في مقام التشريع شائع في القرآن، وكقوله تعالى في الجهاد: (ذلكم خير لكم) الصف - 11، وفي الصوم (وأن تصوموا خير لكم) البقرة - 184، وفي القصر (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) النساء - 101.
قوله تعالى: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم، إن كان معطوفا على مدخول فاء التفريع في قوله تعالى: فمن حج البيت أو اعتمر، كان كالتعليل لتشريع التطوف بمعنى آخر أعم من العلة الخاصة التي تبين بقوله: إن الصفا والمروة، وكان المراد بالتطوع مطلق الإطاعة لا الإطاعة المندوبة، وإن كان استينافا بالعطف إلى أول الآية كان مسوقا لإفادة محبوبية التطوف في نفسه ان كان المراد بتطوع الخير هو التطوف أو مسوقا لإفادة محبوبية الحج والعمرة ان كان هما المراد بتطوع الخير هذا.
والشاكر والعليم اسمان من أسماء الله الحسنى، والشكر هو مقابلة من أحسن إليه إحسان المحسن بإظهاره لسانا أو عملا كمن ينعم إليه المنعم بالمال فيجازيه بالثناء الجميل الدال على نعمته أو باستعمال المال في ما يرتضيه، ويكشف عن إنعامه، والله سبحانه وإن كان محسنا قديم الاحسان ومنه كل الاحسان لا يد لاحد عنده حتى يستوجبه الشكر إلا أنه جل ثنائه عد الأعمال الصالحة التي هي في الحقيقة إحسانه إلى عباده إحسانا من العبد إليه، فجازاه بالشكر والاحسان وهو إحسان على إحسان قال تعالى: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) الرحمن - 60، وقال تعالى: (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) الدهر - 22، فإطلاق الشاكر عليه تعالى على حقيقة معنى الكلمة من غير مجاز.
(بحث روائي) في تفسير العياشي: عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام: سألته: عن السعي