قوله تعالى: لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون، أي من المثوبات والمنافع التي يرومونها بالسحر ويقتنونها بالكفر هذا.
(بحث روائي) في تفسير العياشي والقمي في قوله تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان عن الباقر عليه السلام في حديث: فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره، هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم من أراد كذا وكذا فليعمل كذا وكذا ثم دفنه تحت سريره ثم استتاره لهم فقرأه فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا، وقال المؤمنون: بل هو عبد الله ونبيه، فقال الله جل ذكره: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان.
أقول: إسناد الوضع والكتابة والقرائة إلى إبليس لا ينافي استنادها إلى سائر الشياطين من الجن والإنس لانتهاء الشر كله إليه وانتشاره منه لعنه الله، إلى أوليائه بالوحي والوسوسة وذلك شائع في لسان الاخبار وظاهر الحديث أن كلمة تتلوه من التلاوة بمعنى القراءة وهذا لا ينافي ما استظهرناه في البيان السابق: إن تتلو بمعنى يكذب لان إفادة معنى الكذب من جهة التضمين أو ما يشبهه، وتقدير قوله: تتلوا الشياطين على ملك سليمان يقرؤنه كاذبين على ملك سليمان والأصل في معنى تلا يتلو رجوعه إلى معنى ولى لي ولاية وهو أن يملك الشئ من حيث الترتيب ووقوع جزء منه عقيب جزء آخر، وسيأتي الكلام فيه في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى:
(إنما وليكم الله ورسوله) المائدة - 58.
وفي العيون: في حديث الرضا عليه السلام مع المأمون واما هاروت وماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليتحرزوا به عن سحر السحرة ويبطلوا كيدهم وما علما أحدا من ذلك شيئا إلا قالا له إنما نحن فتنة فلا تكفر فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز عنه وجعلوا يفرقون بما يعملونه بين المرء وزوجه، قال الله تعالى: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله.