ولا موضع للكاف كما أن الكاف في كذا كذلك. قال أبو علي: مثل هذا في أنه دخل على المبتدأ حرف الجر، فصار مع المجرور في موضع رفع قولهم بحسبك أن تفعل كذا، يريدون حسبك فعل كذا. فالجار مع المجرور في موضع رفع. وأنشد أبو زيد:
بحسبك في القوم أن يعلموا * بأنك فيهم غني مضر وأكثر العرب تستعملها مع من، وكذلك ما جاء في التنزيل، ومما جاء منه في الشعر قوله:
وكائن بالأباطح من صديق * يراني إن أصبت هو المصابا (1) وقول الآخر:
وكائن إليكم قاد من رأس فتنة * جنودا، وأمثال الجبال كتائبه (2) المعنى: ثم بين سبحانه حال المطلقة في النفقة والسكنى فقال: (أسكنوهن) أي في بيوتكم (من حيث سكنتم) من المساكن (من وجدكم) أي من ملككم وما تقدرون عليه، عن السدي، وأبي مسلم. وقيل: هو من الوجدان أي: مما تجدونه من المساكن، عن الحسن والجبائي. وقيل: من سعتكم وطاقتكم من الوجد الذي هو المقدرة. قال الفراء: يعول على ما يجد، فإن كان موسعا وسع عليها في المسكن والنفقة، وإن كان فقيرا فعلى قدر ذلك. ويجب السكنى والنفقة للمطلقة الرجعية بلا خلاف. فاما المبتوتة، ففيها خلاف: فذهب أهل العراق إلى أن لها السكنى والنفقة معا، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود. وذهب الشافعي إلى أن لها السكنى بلا نفقة. وذهب الحسن وأبو ثور إلى أنه لا سكنى لها، ولا نفقة، وهو المروي عن أئمة الهدى عليه السلام، وذهب إليه أصحابنا. ويدل عليه ما رواه الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة، فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: طلقني زوجي البتة، فخاصمته إلى رسول الله في السكنى والنفقة، فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم.