أنزل الله إليكم أن ذكر رسولا، ويكون الرسول يحتمل الوجهين.
المعنى: (رسولا) إذا كان المراد به الوجه الأول، وهو أن يكون بدلا من ذكرا والمراد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو جبرائيل عليه السلام، فيجوز أن يكون المراد بالذكر الشرف أي: ذا ذكر رسولا (يتلوا عليكم آيات الله مبينات) أي واضحات (ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات) أي من ظلمات الكفر (إلى النور) أي: نور الإيمان. وقيل: من ظلمات الجهل إلى نور العلم. وإنما شبه الإيمان بالنور لأنه يؤدي إلى نور القبر والقيامة والجنة، وشبه الكفر بالظلمة لأنه يؤدي إلى ظلمة القبر، وظلمة جهنم. (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا) أي: يعطيه أحسن ما يعطي أحدا، وذلك مبالغة في وصف نعيم الجنة (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) أي وخلق من الأرض مثلهن في العدد، لا في الكيفية، لأن كيفية السماء مخالفة لكيفية الأرض. وليس في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع مثل السماوات إلا هذه الآية. ولا خلاف في السماوات أنها سماء فوق سماء. وأما الأرضون فقال قوم: إنها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض كالسماوات، لأنها لو كانت مصمتة لكانت أرضا واحدة. وفي كل أرض خلق خلقهم الله كما شاء. وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها سبع أرضين ليس بعضها فوق بعض، يفرق بينهن البحار، ويظل جميعهن السماء، والله سبحانه أعلم بصحة ما استأثر بعلمه، واشتبه على خلقه. وقد روى العياشي بإسناده، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: بسط كفه ثم وضع اليمنى عليها فقال: هذه الأرض الدنيا، والسماء الدنيا عليها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا، والسماء الثانية فوقها قبة. والأرض الثالثة فوق السماء الثانية، والسماء الثالثة فوقها قبة. حتى ذكر الرابعة، والخامسة، والسادسة، فقال:
والأرض السابعة فوق السماء السادسة، والسماء السابعة فوقها قبة. وعرش الرحمن فوق السماء السابعة، وهو قوله (سبع سماوات ومن الأرض مثلهن).
(يتنزل الأمر بينهن) وإنما صاحب الأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو على وجه الأرض، وإنما يتنزل الأمر من فوق بين السماوات والأرضين. فعلى هذا يكون المعنى تتنزل الملائكة بأوامره إلى الأنبياء. وقيل. معناه يتنزل الأمر بين السماوات والأرضين من الله سبحانه، بحياة بعض، وموت بعض، وسلامة حي، وهلاك آخر، وغنى