حملناه على الطلاق كان أمرا يقتضي الوجوب، وهو من شرائط صحة الطلاق. ومن قال إن ذلك راجع إلى المراجعة حمله على الندب.
(وأقيموا الشهادة لله) هذا خطاب للشهود أي: أقيموها لوجه الله واقصدوا بأدائها التقرب إلى الله، لا الطلب لرضا المشهود له، والإشفاق من المشهود عليه (ذلكم) الأمر بالحق يا معشر المكلفين (يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الأخر) أي يؤمر به المؤمنون، لينزجروا به عن الباطل. وخص المؤمنين لأنهم الذين انتفعوا به. فالطاعة الواجبة فيها وعظ، بأن رغب فيها باستحقاق الثواب، وفي تركها العقاب. والمندوبة فيها وعظ باستحقاق المدح والثواب على فعلها. والمعاصي فيها وعظ بالزجر عنها، والتخويف من فعلها باستحقاق العقاب، والترغيب في تركها بما يستحق على الإخلال بها من الثواب (ومن يتق الله) فيما أمره به، ونهاه عنه (يجعل له مخرجا) من كل كرب في الدنيا والآخرة، عن ابن عباس، وروي عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) قال: من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، وشدائد يوم القيامة). وعنه قال: (من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا).
وقيل: معناه ومن يطلق للسنة، يجعل الله له مخرجا في الرجعة.
(ويرزقه من حيث لا يحتسب) عن عكرمة والشعبي والضحاك. وقيل. إنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، أسر العدو ابنا له، فاتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر له ذلك، وشكا إليه الفاقة، فقال له: اتق الله، واصبر، وأكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) ففعل الرجل ذلك. فبينا هو في بيته إذ أتاه ابنه، وقد غفل عنه العدو، فأصاب إبلا، وجاء بها إلى أبيه، فذلك قوله (ويرزقه من حيث لا يحتسب).
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (ويرزقه من حيث لا يحتسب) أي يبارك له فيما آتاه. وعن أبي ذر الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم: (ومن يتق الله) الآية. فما زال يقولها ويعيدها.
(ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي ومن يفوض أمره إلى الله، ووثق بحسن تدبيره وتقديره، فهو كافيه، يكفيه أمر دنياه، ويعطيه ثواب الجنة، ويجعله بحيث لا يحتاج إلى غيره، وفي الحديث: (من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله) (إن الله بالغ أمره) أي يبلغ ما أراد من قضاياه وتدابيره على ما أراده، ولا يقدر أحد