تمييزه في ذلك الوقت، وقوله (غير ممنون) أي غير منقوص. وقيل: غير مقطوع، عن أبي مسلم. وقيل: غير محسوب، عن مجاهد. وقيل: غير مكدر بما يؤذي ويغم، عن الجبائي. (فما يكذبك بعد بالدين) معناه: أي شئ يكذبك أيها الانسان بعد هذه الحجج بالدين الذي هو الجزاء والحساب، عن الحسن وعكرمة وأبي مسلم. والمراد: ما يحملك على أن لا تتفكر في صوتك، وشبابك، وهرمك، فتعتبر وتقول: إن الذي فعل ذلك قادر على أن يبعثني ويحاسبني ويجازيني بعملي، فيكون قوله (فما يكذبك) يعني به: ما الذي يجعلك تكذب. وقيل: إن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي: فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذه الحجج بالدين الذي هو الاسلام، عن مجاهد وقتادة، أي لا شئ يكذبك (أليس الله بأحكم الحكمين) هذا تقرير للإنسان على الاعتراف بأنه تعالى أحكم الحاكمين في صنائعه وأفعاله، وانه لا خلل في شئ منها، ولا اضطراب، فكيف يترك هذه الخلائق، ويهملهم فلا يجازيهم. وقيل: معناه أليس الله بأقضى القاضين، فيحكم بينك يا محمد، وبين أهل التكذيب بك، عن مقاتل. وقال قتادة: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ختم هذه السورة قال: (بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين).
النظم: اتصل قوله (أليس الله بأحكم الحاكمين) بما قبله من ذكر الدين والجزاء على سبيل التنبيه على الإعادة. فإن الحكيم إذا كلف وأمر ونهى، وخلى بين الظالم والمظلوم، فلا بد من المجازاة والإنصاف والانتصاف. فإذا لم يكن ذلك في الدنيا، فلا بد من البعث، فإن أحكم الحاكمين لا يجوز عليه الإخلال بما ذكرناه.