الضرب الثاني: اختلافهم في أنها أية ليلة. فذهب قوم إلى أنها إنما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم رفعت. وجاءت الرواية عن أبي ذر أنه قال: قلت يا رسول الله! ليلة القدر هي شئ تكون على عهد الأنبياء، ينزل فيها، فإذا قبضوا رفعت. قال: لا بل هي إلى يوم القيامة. وقيل: إنها في ليالي السنة كلها، ومن علق طلاق امرأته على ليلة القدر، لم يقع إلى مضي السنة، وهو مذهب أبي حنيفة.
وفي بعض الروايات، عن ابن مسعود أنه قال: من يقم الحول كله يصبها، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن، أما إنه علم أنها في شهر رمضان، ولكنه أراد أن لا يتكل الناس. وجمهور العلماء، على أنها في شهر رمضان، في كل سنة.
ثم اختلفوا في أي ليلة هي منه فقيل: هي أول ليلة منه، عن ابن زيد العقيلي. وقيل: هي ليلة سبع عشرة منه، عن الحسن. وروي أنها ليلة الفرقان، وفي صبيحتها التقى الجمعان. والصحيح أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهو مذهب الشافعي. وروي مرفوعا أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر).
وعن علي عليه السلام أن النبي كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان، قال:
وكان إذا دخل العشر الأواخر، دأب وأدأب أهله. وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر الأواخر، شد المئزر، واجتنب النساء، وأحيا الليل، وتفرغ للعبادة.
ثم اختلفوا في أنها أية ليلة من العشر، فقيل: إنها ليلة إحدى وعشرين، وهو مذهب أبي سعيد الخدري، واختيار الشافعي. قال أبو سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، ورأيتني أسجد في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر) قال: فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين، من صبيحة إحدى وعشرين. أورده البخاري في الصحيح. وقيل: هي ليلة ثلاث وعشرين منه، عن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول [الله] (1) إني رأيت في النوم، كأن ليلة القدر هي ليلة سابعة، تبقى. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت على ثلاث