الذي يعصر منه الزيت، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة، وهو الظاهر. وإنما أقسم بالتين، لأنه فاكهة مخلصة من شائب التنغيص، وفيه أعظم عبرة، لأنه عز اسمه جعلها على مقدار اللقمة، وهيأها على تلك الصفة، إنعاما على عباده بها. وقد روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في التين: (لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، لقلت هذه هي لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس). وأما الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت الذي يدور في أكثر الأطعمة، وهو أدام. والتين طعام فيه منافع كثيرة. وقيل: التين الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس، عن قتادة. وقال عكرمة: هما جبلان، وإنما سميا بهما لأنهما ينبتان بهما. وقيل: التين مسجد دمشق، والزيتون بيت المقدس، عن كعب الأحبار، وعبد الرحمن بن غنيم، وابن زيد. وقيل: التين مسجد نوح الذي بني على الجودي، والزيتون بيت المقدس، عن ابن عباس. وقيل: التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى، عن الضحاك.
(وطور سينين) يعني الجبل الذي كلم الله عليه موسى، عن الحسن، وسينين وسيناء واحد. وقيل: إن سينين معناه المبارك الحسن، وكأنه قيل جبل الخير الكثير، لأنه إضافة تعريف، عن مجاهد وقتادة. وقيل: معناه كثير النبات والشجر، عن عكرمة. وقيل: إن كل جبل فيه شجر مثمر، فهو سينين وسيناء بلغة النبط، عن مقاتل. قال عمرو بن ميمون: سمعت عمر بن الخطاب يقرأ بمكة في المغرب:
والتين والزيتون، وطور سيناء. قال: فظننت أنه إنما قرأها ليعلم حرمة البلد، وروي ذلك عن موسى بن جعفر عليه السلام أيضا. (وهذا البلد الأمين) يعني مكة البلد الحرام يأمن فيه الخائف في الجاهلية والإسلام، فالأمين يعني المؤمن من يدخله. وقيل بمعنى الأمن، ويؤيده قوله: (إنا جعلنا حرما آمنا) قال الشاعر:
ألم تعلمي يا أسم، ويحك، أنني * حلفت يمينا لا أخون أميني (1) يريد آمني (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) هذا جواب القسم وأراد جنس الانسان، وهو آدم وذريته، خلقهم الله في أحسن صورة، عن إبراهيم ومجاهد وقتادة. وقيل: في أحسن تقويم أي: منتصب القامة، وسائر الحيوان مكب على