القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير أبي بكر: (ينشأ) بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين. والباقون: ينشأ بفتح الياء وسكون النون والتخفيف. وقرأ أهل الكوفة، وأبو عمر: (وعباد الرحمن). والباقون: (عند الرحمن) وقرأ أهل المدينة (أ أشهدوا) على أفعلوا بضم الهمزة وسكون الشين، وقبلها همزة الاستفهام مفتوحة، ثم تخفف الثانية من غير أن يدخل بينهما ألف، وبعضهم يدخل بينهما ألفا. وقرأ الباقون (أشهدوا) بفتح الألف والشين.
الحجة: قال أبو علي: يقال نشأت السحابة، ونشأ الغلام. فإذا نقل هذا الفعل بالهمزة كقوله (ينشئ السحاب الثقال) (ثم أنشأناه خلقا آخر) تعدى إلى مفعول. ومن قرأ (ينشأ) كان مثل فرح وأفرح، وغرم وأغرم. وموضع (من) نصب على تقدير: اتخذوا له من ينشأ في الحلية على وجه التقريع لهم بما افتروه، كما قال تعالى: (أم له البنات ولكم البنون). وحجة من قرأ (عباد الرحمن) قوله: (بل عباد مكرمون). وحجة من قرأ (عند الرحمن) قوله: (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون)، وقوله: (إن الذين عند ربك لا يستكبرون). وفي هذا دلالة على رفع المنزلة والتقريب، كما قال: (ولا الملائكة المقربون) وليس من قرب المسافة. وشهدت تستعمل على ضربين أحدهما: بمعنى الحضور. والآخر:
بمعنى العلم. والذي بمعنى الحضور يتعدى إلى مفعول به، يدلك على ذلك قوله:
(ويوم شهدناه سليما وعامرا) تقديره شهدنا فيه سليما، ومن ذلك قوله:
شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة يد الدهر إلا جبرئيل أمامها فهذا محذوف المفعول، والتقدير فيه شهدنا المعركة فهذا الضرب إذا نقل بالهمزة، تعدى إلى مفعولين. تقول: شهد زيد المعركة، وأشهدته إياها. ومن ذلك قوله: (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض). وأما (شهدت) الذي بمعنى علمت، فيستعمل على ضربين أحدهما: أن يكون قسما والآخر: أن يكون غير قسم. فاستعمالهم إياه قسما، كاستعمالهم علم الله ويعلم الله قسمين تقول: علم الله لأفعلن، فيتلقاه ما يتلقى الأقسام. وأنشد سيبويه:
ولقد علمت لتأتين منيتي، إن المنايا لا تطيش سهامها (1)