وغباوتهم، واستهزأت بهم كما استهزأ قومك بك أي: فلم نضرب عنهم صفحا لاستهزائهم برسلهم، بل كررنا الحجج، وأعدنا الرسل. (فأهلكنا أشد منهم بطشا) أي فأهلكنا من أولئك الأمم بأنواع العذاب، من كان أشد قوة ومنعة من قومك، فلا يغتر هؤلاء المشركون بالقوة والنجدة. (ومضى مثل الأولين) أي سبق فيما أنزلنا إليك. شبه حال الكفار الماضية بحال هؤلاء في التكذيب. ولما أهلك أولئك بتكذيبهم رسلهم، فعاقبة هؤلاء أيضا الإهلاك.
(ولئن سألتهم) أي إن سألت قومك يا محمد (من خلق السماوات والأرض) أي أنشأهما، واخترعهما (ليقولن خلقهن العزيز العليم) أي لم يكن جوابهم في ذلك إلا أن يقولوا خلقهن يعني السماوات والأرض، العزيز القادر الذي لا يقهر، العليم بمصالح الخلق، وهو الله تعالى، لأنهم لا يمكنهم أن يحيلوا في ذلك على الأصنام والأوثان. وهذا إخبار عن غاية جهلهم، إذ اعترفوا بأن الله خلق السماوات والأرض، ثم عبدوا معه غيره، وأنكروا قدرته على البعث. ثم وصف سبحانه نفسه فقال: (الذي جعل لكم الأرض مهدا) وقرئ (مهادا) وقد مضى ذكره في طه.
(وجعل لكم فيها سبلا) تسلكونها (لعلكم تهتدون) لكي تهتدوا إلى مقاصدكم في أسفاركم. وقيل: معناه لتهتدوا إلى الحق في الدين بالاعتبار الذي حصل لكم بالنظر فيها. * (والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون [11] * والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون [12] * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين [13] * وإنا إلى ربنا لمنقلبون [14] * وجعلوا له من عباده جزء إن الانسان لكفور مبين [15] *.
اللغة: يقال: أنشر الله الخلق فنشروا أي: أحياهم فحيوا. قال الأعشى:
لو أسندت ميتا إلى نحرها، * عاش ولم ينقل إلى قاير حتى يقول الناس مما رأوا: * يا عجبا للميت الناشر (1)