ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير [27] * وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد [28] * ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير [29] * وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير [30] *.
القراءة: قرأ أهل المدينة، وابن عامر: (وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم) بغير ناء. والباقون بالفاء.
الحجة: قال أبو علي: القول في ذلك إن (أصاب) في قوله (وما أصابكم) يحتمل أمرين: يجوز أن يكون صلة ما ويجوز أن يكون شرطا في موضع جزم. فمن قدره شرطا، لم يجز حذف الفاء منه على قول سيبويه. وقد تأول أبو الحسن بعض الآي على حذف الفاء في جواب الشرط. وقال بعض البغداديين: حذف الفاء من الجواب جائز، واستدل على ذلك بقوله (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون). وإذا كان صلة، فالإثبات والحذف جائزان على معنيين مختلفين. أما إذا ثبت الفاء ففيه دليل على أن الأمر الثاني وجب بالأول، وإذا لم يذكر الفاء، جاز أن يكون الثاني وجب للأول، وجاز أن يكون لغيره.
المعنى: لما تقدم وعيد أهل العصيان، عقبه سبحانه بالوعد لأهل الطاعة، فقال: (ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي: يجيبهم إلى ما يسألونه.
وقيل: معناه يجيبهم في دعاء بعضهم لبعض، عن معاذ بن جبل. وقيل: معناه يقبل طاعاتهم وعباداتهم، ويزيدهم من فضله على ما يستحقونه من الثواب. وقيل: معناه ويستجيب الذين آمنوا بأن يشفعهم في إخوانهم (ويزيدهم من فضله) ويشفعهم في إخوان إخوانهم، عن ابن عباس. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (ويزيدهم من فضله): (الشفاعة لمن وجبت له النار ممن أحسن إليهم في الدنيا). (والكافرون لهم عذاب شديد) ظاهر المعنى.
ولما بين سبحانه أنه يزيد المؤمنين من فضله، أخبر عقيبه أن الزيادة في الأرزاق في الدنيا تكون على حسب المصالح، فقال: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) أي: لو وسع الرزق على عباده على حسب ما يطلبونه، لبطروا النعمة،