المضاف. ويجوز أن يكون (من) تبيينا للكفار، والتقدير: كما يئس الكفار الذين هم من أصحاب القبور من الآخرة.
المعنى: ثم ذكر سبحانه بيعة النساء، وكان ذلك يوم فتح مكة، لما فرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيعة الرجال، وهو على الصفا، جاءته النساء يبايعنه، فنزلت هذه الآية. فشرط الله تعالى في مبايعتهم أن يأخذ عليهن هذه الشروط، وهو قوله: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على) هذه الشرائط وهي (أن لا يشركن بالله شيئا) من الأصنام والأوثان (ولا يسرقن) لا من أزواجهن، ولا من غيرهم (ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن) على وجه من الوجوه، لا بالوأد، ولا بالإسقاط (ولا يأتين ببهتان يفترينه) أي بكذب يكذبنه في مولود يوجد (بين أيديهن وأرجلهن) أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم، عن ابن عباس. وقال الفراء: كانت المرأة تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك. فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها. وليس المعنى على نهيهن من أن يأتين بولد من الزنا، فينسبنه إلى الأزواج، لأن الشرط بنهي الزنا قد تقدم. وقيل: البهتان الذي نهين عنه قذف المحصنات، والكذب على الناس، وإضافة الأولاد إلى الأزواج على البطلان في الحاضر والمستقبل من الزمان.
(ولا يعصينك في معروف) وهو جميع ما يأمرهن به، لأنه لا يأمر إلا بالمعروف. والمعروف: نقيض المنكر، وهو كل ما دل العقل والسمع على وجوبه، أو ندبه. وسمي معروفا، لأن العقل يعترف به من جهة عظم حسنه، ووجوبه.
وقيل: عنى بالمعروف النهي عن النوح، وتمزيق الثياب، وجز الشعر، وشق الجيب، وخمش الوجه، والدعاء بالويل، عن المقاتلين والكلبي. والأصل أن المعروف كل بر، وتقوى، وأمر وافق طاعة الله تعالى. (فبايعهن) على ذلك.
(واستغفر لهن الله) أي اطلب من الله أن يغفر لهن ذنوبهن، ويسترها عليهن (إن الله غفور) أي صفوح عنهن (رحيم) منعم عليهن. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بايعهن، وكان على الصفا، وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء، خوفا أن يعرفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال. أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا. فقالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولا تسرقن. فقالت