الكفار، فإنا إذا واليناهم، ظنوا أنا صوبناهم. وقيل: معناه لا تخذلنا إذا حاربناهم، فلو خذلتنا لقالوا: لو كان هؤلاء على الحق لما خذلوا. (واغفر لنا ربنا) ذنوبنا (إنك أنت العزيز) الذي لا يغالب و (الحكيم) الذي لا يفعل إلا الحكمة والصواب. وفي هذا تعليم للمسلمين أن يدعوا بهذا الدعاء.
(لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان رجوا الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد (6) عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم (7) لا ينهكم الله عن الذين لم يقتلوكم في الدين ولم يخرجكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)).
النزول: نزل قوله: (لا ينهاكم الله) الآية. في خزاعة وبني مدلج، وكانوا صالحوا رسول الله على أن لا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه أحدا، عن ابن عباس.
المعنى: ثم أعاد سبحانه في ذكر الأسوة فقال: (لقد كان لكم فيهم) أي في إبراهيم ومن آمن معه (أسوة حسنة) أي قدوة حسنة. وإنما أعاد ذكر الأسوة، لأن الثاني منعقد بغير ما انعقد به الأول، فإن الثاني فيه بيان أن الأسوة فيهم كان لرجاء ثواب الله، وحسن المنقلب والأول فيه بيان أن الأسوة في المعاداة للكفار. وقوله:
(لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) بدل من قوله (لكم)، وهو بدل البعض من الكل، مثل قوله: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) وفيه بيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله، ويخاف عقاب الآخرة، وهو قوله: (واليوم الآخر) وقيل: يرجو ثواب الله، وما يعطيه من ذلك في اليوم الآخر. (ومن يتول) أي ومن يعرض عن هذا الاقتداء بإبراهيم، والأنبياء، والمؤمنين والذين معه، فقد أخطأ حظ نفسه، وذهب عما يعود نفعه إليه، فحذفه لدلالة الكلام عليه وهو قوله: (فإن الله هو الغني الحميد) أي الغني عن ذلك، المحمود في جميع أفعاله، فلا يضره توليه، ولكنه ضر نفسه.