عنه: إنا لمولع بنا. وفي رواية أخرى عنه: إنا لملقون في الشر. وقيل محارفون، عن قتادة. ومن قرأ (أإنا) على الاستفهام حمله على أنهم يقومون فيقولون منكرين لذلك. ومن قرأ (إنا) على الخبر حمله على أنهم مخبرون بذلك عن أنفسهم.
ثم يستدركون فيقولون: (بل نحن محرومون) أي مبخوسو (1) الحظ، محارفون ممنوعون من الرزق والخير. ثم قال سبحانه، منبها على دلالة أخرى:
(أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن) أي من السحاب (أم نحن المنزلون) نعمة منا عليكم، ورحمة بكم. ثم قال: (لو نشاء جعلناه أجاجا) أي مرا شديد المرارة. وقيل: هو الذي اشتدت ملوحته. (فلولا تشكرون) أي فهلا تشكرون على هذه النعمة السنية التي لا يقدر عليها أحد غير الله.
ثم نبه سبحانه على دلالة أخرى فقال: (أفرأيتم النار التي تورون) أي:
تستخرجونها وتقدحونها بزنادكم من الشجر. (أأنتم أنشأتم شجرتها) التي تنقدح النار منها أي أنتم أنبتموها وابتدأتموها (أم نحن المنشئون) لها، فلا يمكن لأحد أن يقول: إنه أنشأ تلك الشجرة غير الله تعالى. والعرب تقدح بالزند، والزند، وهو خشب يحك بعضه ببعض فتخرج منه النار. وفي المثل: (في كل شجر نار واستمجد (2) المرخ والعفار). (نحن جعلناها تذكرة) أي نحن جعلنا هذه النار تذكرة للنار الأخرى الكبرى، فإذا رآها الرائي ذكر جهنم واستعاذ بالله منها، عن عكرمة ومجاهد وقتادة. وقيل: معناه تذكرة يتذكر بها، ويتفكر فيها، فيعلم أن من قدر عليها، وعلى اخراجها من الشجر الرطب، قدر على النشأة الثانية.
(ومتاعا للمقوين) أي وجعلناها بلغة ومنفعة للمسافرين، عن ابن عباس والضحاك وقتادة. يعني الذين نزلوا الأرض القي وهو القفر. وقيل: للمستمتعين بها من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين، عن عكرمة ومجاهد. والمعنى أن جميعهم يستضيئون بها من الظلمة، ويصطلون من البرد، وينتفعون بها في الطبخ والخبز. وعلى هذا فيكون المقوي من الأضداد، فيكون المقوي الذي صار ذا قوة من المال والنعمة. والمقوي أيضا الذاهب ماله، النازل بالقواء من الأرض.