ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (5).
القراءة: قرأ علي (ع) وأبو عبد الرحمن السلمي: (أو أثرة) بسكون الثاء من غير ألف وقرأ ابن عباس بخلاف. وعكرمة وقتادة: (أو أثرة) بفتحتين. والقراءة المشهورة: (أو أثارة) بالألف.
الحجة: قال ابن جني: الأثرة والأثارة: البقية، وهي ما يؤثر من قولهم: أثر الحديث يأثره أثرا وأثرة، ويقولون: هل عندك من هذا أثرة وأثارة أي أثر. ومنه سيف مأثور أي عليه أثر الصنعة، وطريق العمل. وأما الأثرة ساكنة الثاء فهي أبلغ معنى، وذلك أنها الفعلة الواحدة من هذا الأصل فهي كقولهم: ائتوني بخبر واحد، أو حكاية شاذة أي: قنعت في الاحتجاج لكم بهذا الأصل على قلته.
المعنى: (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) مر تفسيره (ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) أي ما خلقناهما عبثا، ولا باطلا، وإنما خلقناهما لنتعبد سكانهما بالأمر والنهي، ونعرضهم للثواب، وضروب النعم، فنجازيهم في الآخرة بأعمالهم (وأجل مسمى) يعني يوم القيامة، فإنه أجل مسمى عنده، مطوي عن العباد علمه، إذا انتهى إليه، تناهى وقامت القيامة. وقيل: هو مسمى للملائكة، وفي اللوح المحفوظ (والذين كفروا عما أنذروا معرضون) أي إن الكافرين عما أنذروا من القيامة والجزاء، معرضون عادلون عن التفكر فيه (قل) لهؤلاء الذين كفروا بالله (أرأيتم ما تدعون من دون الله) من الأصنام (أروني ماذا خلقوا من الأرض) فاستحقوا بخلق ذلك العبادة والشكر (أم لهم شرك في السماوات) أي في خلقها، وتقديره أم لهم شرك ونصيب في خلق السماوات.
ثم قال: قل لهم (ائتوني بكتاب من قبل هذا) القران أنزله الله، يدل على صحة قولكم. (أو أثارة من علم) أي بقية من علم يؤثر، من كتب الأولين يعلمون به أنهم شركاء الله (إن كنتم صادقين) فيما تقولون، عن مجاهد. وقيل: أو أثارة من علم أي خبر من الأنبياء، عن عكرمة ومقاتل. وقيل: هو الخط أي بكتاب مكتوب، عن ابن عباس. وقيل: خاصة من علم أؤثرتم بها، عن قتادة. والمعنى: فهاتوا إحدى هذه الحجج الثلاث أولاها دليل العقل، والثانية الكتاب، والثالثة الخبر