ينبغي أن يجري على ما قبله، كما يجري اسم الفاعل، وما شبه به، لتعريه من المعاني التي أعمل فيها اسم الفاعل، وما شبه به عمل الفعل. ومن قال مررت برجل خير منه أبوه، وسرج خز صفته، وبرجل مئة إبله، استجاز أن يجري (سواء) أيضا على ما قبله، كما أجرى الضرب الأول.
فأما من قرأ (سواء) بالنصب، فإن انتصابه يحتمل ثلاثة أوجه أحدها: أن يجعل المحيا والممات بدلا من الضمير المنصوب في (نجعلهم) فيصير التقدير: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء، فينتصب (سواء) على أنه مفعول ثان لنجعل، ويكون انتصاب (سواء) على هذا القول حسنا، لأنه لم يرفع مظهرا. ويجوز أيضا أن يجعل (محياهم ومماتهم) ظرفين من الزمان، فيكون كذلك أيضا. ويجوز أن يعمل في الظرفين أحد شيئين أحدهما: ما في (سواء) من معنى الفعل، كأنه يستوون في المحيا والممات. والأخر: أن يكون العامل الفعل، ولم يعلم الكوفيون الذين نصبوا (سواء) نصبوا الممات. فإذا لم ينصبوه كان النصب في (سواء) على غير هذا الوجه. وغير هذا الوجه لا يخلو من أن ينتصب على أنه حال، أو على أنه المفعول الثاني لنجعل. وعلى أي هذين الوجهين حملته، فقد أعملته عمل الفعل، فرفعت به المظهر. فإن جعلته حالا أمكن أن يكون الحال من الضمير في (نجعلهم)، ويكون المفعول الثاني قوله (كالذين آمنوا).
فإذا جعلت قوله (كالذين آمنوا) المفعول الثاني، أمكن أن يكون (سواء) منتصبا على الحال مما في قوله (كالذين آمنوا) من معنى الفعل. فيكون ذو الحال الضمير المرفوع في قوله (كالذين آمنوا). وهذا الضمير يعود إلى الضمير المنصوب في (نجعلهم)، وانتصابه على الحال من هذين الوجهين. ويجوز أن لا يجعل قوله (كالذين آمنوا) المفعول الثاني، ولكن يجعل المفعول الثاني قوله: (سواء محياهم ومماتهم)، فيكون جملة في موضع نصب بكونها في موضع المفعول الثاني لنجعل.
ويجوز فيمن قال: مررت برجل مائة إبله، فاعمل المائة عمل الفعل، أن ينصب (سواء) على هذا الوجه أيضا ويرتفع به المحيا، كما جاز أن يرتفع به إذا قدرت الجملة في موضع الحال. والحال في الجملة التي هي (سواء محياهم ومماتهم) يكون من جعل، ويكون مما في قوله (كالذين) من معنى الفعل.
وقد قيل في الضمير في قوله (محياهم ومماتهم) قولان أحدهما: إنه ضمير