البعث. (ويتبع كل شيطان مريد) يغويه عن الهدى، ويدعوه إلى الضلال، وإن كان المراد بالآية النضر بن الحرث فالمراد بالشيطان المريد: شيطان الإنس، لأنه كان يأخذ من الأعجام واليهود ما يطعن به على المسلمين.
(كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله) معناه: إنه يتبع كل شيطان كتب الله على ذلك الشيطان في اللوح المحفوظ أنه يضل من تولاه، فكيف يتبع مثله، ويعدل بقوله عمن دعاه إلى الرحمة. وقيل: معناه كتب على الشيطان أنه من تولاه أضله الله تعالى. وقيل: معناه كتب على المجادل بالباطل أن من اتبعه وولاه يضله عن الدين.
(ويهديه إلى عذاب السعير) ثم ذكر سبحانه الحجة في البعث لأن أكثر الجدال كان فيه فقال: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب) أي: في شك (من البعث) والنشور.
والريب: أقبح الشك (فإنا خلقناكم من تراب) معناه: فالدليل على صحته أنا خلقنا أصلكم، وهو آدم عليه السلام من تراب. فمن قدر على أن يصير التراب بشرا سويا حيا في الابتداء قدر على أن يحيي العظام ويعيد الأموات.
(ثم من نطفة) معناه: ثم خلقنا أولاده ونسله من نطفة في أرحام الأمهات.
وهي الماء القليل يكون من الذكر والأنثى، وكل ماء صاف فهو نطفة، قل أم كثر (ثم من علقة) بأن تصير النطفة علقة: وهي القطعة من الدم الجامد (ثم من مضغة) أي: شبه قطعة من اللحم ممضوغة. فإن معنى المضغة مقدار ما يمضغ من اللحم.
(مخلقة وغير مخلقة) أي: تامة الخلق، وغير تامة، عن ابن عباس وقتادة. وقيل:
مصورة وغير مصورة، وهي ما كان سقطا لا تخطيط فيه ولا تصوير، عن مجاهد (لنبين لكم) معناه: لندلكم على مقدورنا بتصريفكم في ضروب الخلق، أو لنبين لكم أن من قدر على الابتداء، قدر على الإعادة، أو لنبين لكم ما يزيل ريبكم فحذف المفعول.
(ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) معناه: ونبقي في أرحام الأمهات ما نشاء إلى وقت تمامه، عن مجاهد. وقيل: ونقر من قدرنا له أجلا مسمى في رحم أمه إلى أجله (ثم نخرجكم طفلا) أي: نخرجكم من بطون أمهاتكم وأنتم أطفال.
والطفل: الصغير من الناس. وإنما وحد والمراد به الجمع، لأنه بمعنى المصدر، كقولهم: رجل عدل، ورجال عدل. وقيل: أراد ثم نخرج كل واحد منكم طفلا.
(ثم لتبلغوا أشدكم) وهو حال اجتماع العقل والقوة وتمام الخلق. وقيل: هو