فقالوا له: يا سلمان ويحك أوليس محمد قد رخص لك أن تقول كلمة الكفر [به] بما تعتقد ضده للتقية من أعدائك؟ فما بالك لا تقول (ما يفرج عنك) (1) للتقية؟
فقال سلمان: إن الله تعالى قد رخص لي في ذلك ولم يفرضه علي، بل أجاز لي (2) أن لا أعطيكم ما تريدون، وأحتمل مكارهكم، وأجعله أفضل المنزلتين، وأنا لا أختار غيره.
ثم قاموا إليه بسياطهم، وضربوه ضربا كثيرا، وسيلوا دماءه، وقالوا له - وهم ساخرون -: لا تسأل الله كفنا عنك، ولا تظهر لنا ما نريد منك لنكف به عنك، فادع علينا بالهلاك إن كنت من الصادقين في دعواك أن الله لا يرد دعاءك بمحمد وآله الطيبين [الطاهرين].
فقال سلمان: إني لأكره أن أدعو الله بهلاككم مخافة أن يكون فيكم من قد علم الله أنه سيؤمن بعد، فأكون قد سألت الله تعالى اقتطاعه عن الايمان.
فقالوا: قل: اللهم أهلك من كان في معلومك (3) أنه يبقى إلى الموت على تمرده، فإنك لا تصادف بهذا الدعاء ما خفته.
قال: فانفرج له حائط البيت الذي هو فيه مع القوم، وشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: يا سلمان ادع عليهم بالهلاك، فليس فيهم أحد يرشد، كما دعا نوح عليه السلام على قومه لما عرف أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.
فقال سلمان: كيف تريدون أن أدعو عليكم بالهلاك؟
فقالوا: تدعو الله [ب] أن يقلب سوط كل واحد منا أفعى تعطف رأسها، ثم تمشش (4) عظام سائر بدنه.