من يعجزه تناول الدنيا، وركوب المحارم منها (1)، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه فنصب الدين فخا (2) لها، فهو لا يزل يختل (3) الناس بظاهره، فان تمكن من حرام اقتحمه.
فإذا وجدتموه يعف من المال الحرام (فرويدا لا يغرنكم، فان شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام) (4) وإن أكثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرما.
فإذا وجدتموه يعف عن ذلك، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقدة (5) عقله فما أكثر من يترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله.
فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله؟
أو يكون مع عقله على هواه؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك (6) الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة، حتى إذا قيل له:
" إتق الله، أخذته العزة بالاثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد ". (7)