في خرابها، وأذى محمد صلى الله عليه وآله وسائر أصحابه، وألجأوه إلى الخروج من مكة إلى المدينة، التفت خلفه إليها فقال:
الله يعلم أني أحبك، ولولا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، ولا ابتغيت عنك بدلا، واني لمغتم على مفارقتك.
فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد ان العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول:
سأردك إلى هذا البلد ظافرا غانما سالما، قادرا، قاهرا، وذلك قوله تعالى.
﴿ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ (1) يعني إلى مكة ظافرا غانما، وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه، فاتصل بأهل مكة فسخروا منه.
فقال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله:
سوف أظهرك بمكة، واجري عليهم حكمي، وسوف أمنع عن دخولها المشركين حتى لا يدخلها منهم أحد الا خائفا، أو دخلها مستخفيا من أنه ان عثر عليه قتل.
فلما حتم قضاء الله بفتح مكة استوسقت (2) له أمر عليهم عتاب بن أسيد فلما اتصل بهم خبره قالوا: ان محمد لا يزال يستخف بنا حتى (3) ولى علينا غلاما حديث السن ابن ثمانية عشر سنة (4)، ونحن مشايخ ذوو الأسنان، خدام بيت الله الحرام