له وتارة عليه، فارجعوا عن دينه.
فأما حذيفة فقال: لعنكم الله لا أقاعدكم ولا أسمع كلامكم أخاف على نفسي وديني وأفر بهما منكم. وقام عنهم يسعى.
وأما عمار بن ياسر، فلم يقم عنهم ولكن قال لهم: معاشر اليهود إن محمدا وعد أصحابه الظفر يوم بدر إن صبروا فصبروا وظفروا، ووعدهم الظفر يوم أحد أيضا إن صبروا، ففشلوا وخالفوا، فلذلك أصابهم ما أصابهم، ولو أنهم أطاعوا وصبروا ولم يخالفوا لما غلبوا (1). فقالت له اليهود:
يا عمار وإذا أطعت أنت غلب محمد سادات قريش مع دقة ساقيك؟
فقال عمار: نعم، والله الذي لا إله إلا هو باعثه بالحق نبيا، لقد وعدني محمد من الفضل والحكمة ما عرفنيه من نبوته، وفهمنيه من فضل أخيه ووصيه وصفيه وخير من يخلفه بعده، والتسليم لذريته الطيبين المنتجبين، وأمرني بالدعاء بهم عند شدائدي ومهماتي وحاجاتي، ووعدني أنه لا يأمرني بشئ فاعتقدت فيه طاعته إلا بلغته حتى لو أمرني بحط السماء إلى الأرض، أو رفع الأرضين إلى السماوات لقوى عليه ربي بدني بساقي هاتين الدقيقتين.
فقالت اليهود: كلا والله يا عمار، محمد أقل عند الله من ذلك، وأنت أوضع عند الله وعند محمد من ذلك، (لا ولا حجرا فيها أربعون منا) (2).
فقام عمار عنهم وقال: لقد أبلغتكم حجة ربي ونصحت لكم، ولكنكم للنصيحة كارهون، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله:
يا عمار قد وصل إلي خبركما، أما حذيفة فإنه فر بدينه من الشيطان وأوليائه