الله لك من أمر محمد.
فخرج عليهم وهو يقول: أشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، و [أشهد] وأن محمدا عبده ورسوله المذكور في التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله، المدلول فيها عليه وعلى أخيه علي بن أبي طالب عليه السلام.
فلما سمعوه يقول ذلك قالوا: يا محمد، سفيهنا وابن سفيهنا، وشرنا وابن شرنا وفاسقنا وابن فاسقنا، وجاهلنا وابن جاهلنا، كان غائبا عنا، فكرهنا أن نغتابه.
فقال عبد الله: فهذا الذي كنت أخافه يا رسول الله.
ثم إن عبد الله حسن إسلامه ولحقه القصد الشديد من جيرانه من اليهود، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في حمارة القيظ في مسجده يوما إذ دخل عليه عبد الله بن سلام.
و [قد] كان بلال أذن للصلاة والناس بين قائم وقاعد وراكع وساجد، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وجه عبد الله فرآه متغيرا، وإلى عينيه دامعتين، فقال: مالك يا عبد الله؟.
فقال يا رسول الله قصدتني اليهود، وأساءت جواري وكل ماعون لي استعاروه مني كسروه وأتلفوه، وما استعرت منهم منعونيه، ثم زاد أمرهم بعد هذا، فقد اجتمعوا وتواطؤوا وتحالفوا على أن لا يجالسني أحد منهم، ولا يبايعني ولا يشاورني (1) ولا يكلمني ولا يخالطني، وقد تقدموا بذلك إلى من في منزلي، فليس يكلمني أهلي وكل جيراننا يهود، وقد استوحشت منهم، فليس لي [من] أنس بهم، والمسافة ما بيننا وبين مسجدك هذا ومنزلك بعيدة، فليس يمكنني في كل وقت يلحقني ضيق صدر منهم أن أقصد مسجدك أو منزلك.
فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله غشيه ما كان يغشاه عند نزول الوحي عليه من تعظيم أمر الله تعالى، ثم سري عنه (2) وقد انزل عليه: