كيف هدأ لما احتضنه محمد رسول الله ومسح يده عليه؟ قالوا بلى: يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا، إن حنين خزان الجنان وحور عينها وسائر قصورها ومنازلها إلى من يتولى (1) محمدا وعليا وآلهما الطيبين ويبرأ (2) من أعدائهم، لأشد من حنين هذا الجذع الذي رأيتموه إلى رسول الله.
وإن الذي يسكن حنينهم وأنينهم، ما يرد عليهم من صلاة أحدكم - معاشر شيعتنا - على محمد وآله الطيبين، أو صلاته لله (3) نافلة، أو صوم أو صدقة.
وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي ما يتصل [بهم] من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم، يقول أهل الجنان بعضهم لبعض: لا تستعجلوا صاحبكم، فما يبطئ عنكم إلا للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان باسداء المعروف إلى إخوانه (4) المؤمنين.
وأعظم من ذلك - مما يسكن حنين سكان الجنان وحورها إلى شيعتنا - ما يعرفهم الله من صبر شيعتنا على التقية واستعمالهم (5) التورية ليسلموا بها من كفرة عباد الله وفسقتهم (6) فحينئذ يقول خزان الحنان وحورها: لنصبرن على شوقنا إليهم [وحنيننا] (7) كما يصبرون على سماع المكروه في ساداتهم وأئمتهم، وكما يتجرعون الغيظ ويسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من لا يقدرون على دفع مضرته.
فعند ذلك يناديهم ربنا عز وجل: " يا سكان جناني ويا خزان رحمتي ما لبخل أخرت عنكم أزواجكم وساداتكم، ولكن ليستكملوا (8) نصيبهم من كرامتي بمواساتهم