وأما هذا الذي اقترحتموه، فلست أقترحه على ربي عز وجل، بل أقول إنما أعطاني (1) ربي تعالى من (دلالة هو) (2) حسبي وحسبكم، فان فعل عز وجل ما اقترحتموه فذاك زائد في تطوله علينا وعليكم، وإن منعنا ذلك فلعلمه بأن الذي فعله كاف فيما أراده منا.
قال فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من كلامه هذا أنطق الله البساط فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا [حيا] قيوما أبدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا وأشهد أنك - يا محمد - عبده ورسوله، أرسلك بالهدى (3) ودين الحق ليظهرك (4) على الدين كله ولو كره المشركون.
وأشهد أن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيك، وخليفتك في أمتك، وخير من تتركه (5) على الخلائق بعدك، وأن من والاه فقد والاك، ومن عاداه فقد عاداك، ومن أطاعه فقد أطاعك، ومن عصاه فقد عصاك.
وأن من أطاعك فقد أطاع الله، واستحق السعادة برضوانه.
وأن من عصاك فقد عصى الله، واستحق أليم العذاب بنيرانه.
قال: فعجب القوم، وقال بعضهم لبعض: ما هذا إلا سحر مبين.
فاضطرب البساط وارتفع، ونكس مالك بن الصيف وأصحابه عنه حتى وقعوا على رؤوسهم ووجوههم.
ثم أنطق الله تعالى البساط ثانيا فقال: أنا بساط أنطقني الله وأكرمني بالنطق بتوحيده وتمجيده، والشهادة لمحمد صلى الله عليه وآله نبيه بأنه سيد أنبيائه، ورسوله إلى خلقه، والقائم