أجرر ذيل الصبي جامحا * بلا آمر وبلا زاجر إلى أن بدا الشيب في مفرقي * فكانت أوائله أخرى المراد بالورق الناضر هاهنا الشباب، وإنما يوصف بذلك لغضاضته وبهجته ورونقه.
ومعنى " بلا آمر وبلا زاجر " إنه لفرط جماحه وشدة تتابعه لا يؤمر ولا ينهى، لليأس من إقلاعه وانصرافه.
ويحتمل وجها آخر، وهو: أن يكون من حيث عصى العذال وخالف النصحاء كأنه غير مأمور ولا منهي ولا مزجور، وإن كان ممن أمر لفظا ونهي.
وأما " فكانت أوائله آخري " فمن الاختصارات البليغة.
ومعنى آخري: نهاية عمري وغاية مدتي. ويقال أيضا: أن يريد إنه آخر سروري ولذتي وانتفاعي بالعيش ومتعتي، ويجوز أن يكونا جميعا مرادين، فاللفظ يسير والمعنى كثير كما تراه.
ولي من قصيدة أولها " رضينا من عداتك بالمطال ":
وبيض راعهن البيض مني * فقطعن العلائق من حبالي جعلن الذنب لي حتى كأني * جنيت أنا المشيب على جمالي وليس الشيب من جهتي فألحى * ولا رد الشبيبة في احتيالي معنى البيت الثاني والثالث يتردد كثيرا في الشعر وفي شعري خاصة، وهو حجة لمن عيب بالشيب واضحة، لأن المؤاخذة لا تكون إلا بالذنوب ولا صنع لذي الشيب في حلوله به، وقد يتبرأ من الذم به تارة بأنه من غير فعله ولا اختياره