وكأن طلعة شيبة في مفرق * عند الغواني ضربة من فالق ومعيري شيب العذار وما درى * إن الشباب مطية للفاسق ويقول لو غيرت منه لونه * هيهات أبدل مؤمنا بمنافق والشيب أملا للصدور وإن نبت * عن لونه في الوجه عين الرامق وإذا ليالي الأربعين تكاملت * للمرء فهو إلى الردى من حالق أردت إنها لما رأت سواد شعرها وبياض شعري ظهر لها تضاد ما بيننا وتباعده فصدت وأعرضت. وتشبيه الشعر الأسود بالليل والشيب بالنجوم والشهب قد ذكرنا أنه يتردد في الشعر.
ومعنى البيت الثالث: إن الشباب كان للأنس به كالربع المسكون الذي تحله الأحبة، ولما علاه الشيب صار كالطلول، وهي الرسوم التي لا تسكن ولا تحل.
وفي البيتين الرابع والخامس تسلية لمن صد من النساء عن الشيب، لأن الحلائق معه والطرائق كما عهدت وألفت وإنه لم ينقصن جلدا ولا غير ودا ولا حل عقدا، وليس يعزى عنه بأبلغ من هذا القول.
ولما كان الشيب قاطعا علائق الغواني وبانا لحبالهن حسن التشكل في بياضه وومضه هل هو لشيب أم لسيوف بواتر قطعت علائق الحب ووصائله؟
وإنما أضفت في البيت السابع إلى الغواني إنزال حلول الشيب في الرأس منزلة حلول الضربة الفالقة له، لأن هذا حكم موقوف على الغواني والنساء لأنهن الجازعات من الشيب دون الرجال. وإنما عادل النساء بين شيب الرأس والضربة الفالقة له، لأنه عندهن بعد الشيب لا منفعة فيه ولا متعة به كما لا منفعة بالرأس الفيلق.
ووصفت الشباب في البيت الثامن بأنه مطية الفاسق من حيث الاستعانة به على بلوغ الأغراض ونيل الأوطار، فجرى مجرى المطية التي توصل إلى بعيد