وما سرني حلم يفئ إلى الردى * كفاني ما قبل المشيب من الحلم إذا كان ما يعطيني الحلم سالبا * حياتي فقل لي كيف ينفعني حزمي وقد جربت نفسي القداة وقاره * فما شد من وهني ولا سد من ثلمي وإني مذ أضحى عذاري قراره * فعاد بلا سقم واجفي بلا جرم وسيان بعد الشيب عند حبائبي * وقفن عليه أو وقفن على رسم وقد كنت ممن يشهد الحرب مرة * ويرمي بأطراف الرماح كما يرمي إلى أن علا هذا المشيب مفارقي * فلم يدعني الأقوام إلا إلى السلم هذه الأبيات كثيرة المعاني في وصف الشيب جيدة النسج.
ومعنى " من جانب الهم " أي من ناحيته لا من ناحية علو السن.
وقد ذكرنا هذا البيت مع نظيره من شعر أبي تمام، ويجئ مثله في الشعر وشعري خاصة كثيرا.
ومعنى البيت الثالث: إنني قرعت سني هما وحزنا، ولو استطعت لقرعت من عظمي ما هو خاف غير ظاهر للعين. وهذا تأكيد لصولة الهم وسورة الحزن.
ومعنى البيت الرابع: أن المعزي لي عن الشيب بنجوة عن سهامه وبعد من إيلامه، فلا نسبة بيننا.
ومعنى البيت الخامس: أن الشيب وإن أعطى حلما فقد عرق لحما، فهذا بذاك.
والبيت السادس: تضمن أنه لا منفعة بحلم يفضي إلى الموت، لأن الحلم وغيره من أدوات الفضل إنما يراد للحياة زينة لها وفخرا فيها، ولا خير فيما أفضى إلى إبطال الحياة، وهي الأصل في المنافع.
وقد ذكرنا هذين البيتين مع نظيرهما من شعر أبي تمام.
وأما قولي " أعاد بلا سقم " فمعناه أن من توجع لي من الشيب وتألم من حلوله