طرقتهن شيبة وقذاة العين * لا يستقل منه القليل وبين هذا وبين قوله " قليل قذاة العين غير قليل " في الفصاحة والبلاغة كما بين سماء وأرض وكل وبعض.
ولي من قصيدة أولها " ما الحب إلا موئل المتعلل ":
أما وقد صبغ المشيب ذوائبي * للناظرين فلات حين تغزلي وأزال من خطر المشيب توجعي * علمي بأن ليس الشباب بمعقل فلئن جزعت فكل شئ مجزعي * ولئن أمنت فشيمة المسترسل معنى البيت الثاني أن الشباب لا يؤمن من خطر الموت ولا يحصن من هجومه فقد لحق بالشيب في تطرق الأخطار إليه، فما معنى التوجع منه والتألم من خطره.
وقد نطق البيت الثالث بأنني إن كنت جازعا فيجب أن أجزع من كل حال لتطرق الأخطار عليها، وإن أطرحت الجزع ولزمت الاستسلام فهي شيمة المسترسل الذي يطيب عيشه وتستمر لذته.
ولي أبيات مفردة في الشيب، وهي:
أشيب ولما تمض خمسون حجة * ولا قاربتني إن هذا من الظلم ولو أنصفتني الأربعون لنهنهت * من الشيب زورا جاء من جانب الهم قرعت له سني ولو أستطيعه * قرعت له ما لم تر العين من عظمي يقولون لا تجزع من الشيب ضلة * وأسهمه إياي دونهم تصمي وقالوا أتاه الشيب بالحلم والحجى * فقلت بما يبري ويعرق من لحمي