(13) [منع كون الصفة بالفاعل] مسألة:
استدل من منع من كون الصفة بالفاعل، بأن قال: لو كانت بالفاعل لكان متى قدر على جعل الذات على صفة يكون عليها بالفاعل. ألا ترى أن [من] قدر منا على جعل الصوت خبرا فهو قادر على أن يجعله أمرا ونهيا وخبرا عن كل مخبر عنه من حيث كانت هذه الصفات أجمع بالفاعل. فلو كان الجسم مستقلا بالفاعل لكان كونه أسود وأبيض بالفاعل، لأن الطريق واحد.
وهذا الدليل معترض، بأن يقال: ما أنكرتم أن يكون انتقاله بالفاعل وكونه أسود وأبيض بمعنى، لأن الصفات التي تجوز على الذات ينقسم استنادها: فتارة تستند إلى الفاعل، فما الذي يمنع عن استناد الانتقال إلى الفاعل والسواد والبياض إلى العلة. وإذا كنا نجوز ذلك يمكن القطع على أن السواد إذا كان لعلة كان الانتقال كذلك.
وليس يعصم من هذا السؤال قولهم: إن الصفتين إذا كانت كيفية استحقاقهما واحدة لم يجز أن يكونا مستحقين من وجهين مختلفين، فلما كان الجسم يستحق كونه أسود يستحق كونه منتقلا في باب الصحة والجواز والشروط، وجب متى كانت هذه الصفة بالفاعل أن تكون الأخرى كذلك.
وإن كانت لمعنى فكذلك، لأن الاشتراك في كيفية الاستحقاق - وهو حصول الصفة على وجه الجواز - إنما يدل على أن الصفة ليست للنفس، فإذا انتفى بالاشتراك في هذه الكيفية كون الصفة مستندة إلى النفس، وانقسم بعد ذلك بما يمكن استناد الصفة إليه: فتارة يكون بالفاعل، وأخرى بالعلة.