فقد زال الحكم بوجوب النزح عن هذه البئر.
وليس لأحد أن يقول: إن أرض البئر وجوانبها التي أصابها الماء النجس تنجس، فإذا تجدد عليها ماء جديد يحكم بنجاسته. لأن هذا يقتضي غسل البئر بعد نزح مائها، وهذا لا يقوله محصل.
(8) [استحقاق مدح الباري على الأوصاف] مسألة خرجت في صفر سنة سبع وعشرين وأربعمائة، قال رحمه الله:
إعلم أنه لا يجب أن يوحش من المذهب فقد الذاهب إليه والعابر عليه، بل ينبغي أن لا يوحش عنه إلا ما لا دلالة يعضده ولا حجة تعمده.
ولما فكرت فيما يمضي كثيرا في الكتب من أن القديم تعالى يستحق المدح عليه أنه تعالى لا يفعل القبيح، ورأيت أن إطلاق ذلك غير تفصيل وترتيب غير صحيح على موجب الأصول الممهدة:
والذي يجب أن يقال: إنه تعالى من حيث أنه لم يفعل القبيح لا يستحق المدح التابع للأفعال لكنه يستحق المدح بذلك من حيث كان تعالى على صفات تقتضي ألا يختار فعل القبيح، كما يستحق تعالى المدح بكونه قديما وعالما وحيا وقادرا، وإن كان هذا المدح الذي يستحقه ليس هو كالمدح المستحق على الأفعال.
والذي يدل على ما ذكرناه: أنه عز وجل لا يختار القبيح، إما لثبوت الصارف عنه، وهو كونه تعالى عالما بقبحه وأنه غني عنه، أو من حيث أنه لا داعي إلى فعله، على اختلاف عبارة الشيوخ عن ذلك، فجرى مجرى من لا يختار القبيح منا بالالجاء إلى أن لا يفعله في أنه لا يستحق مدحا. ألا ترى أن أحدا لا يستحق المدح