لأن الشعراء قد شبهت الشباب بالغراب والغداف وأكثرت من ذلك، وما ورد تشبيه الشيب الممتزج بالغراب الأبقع.
فإن قيل: إذا شبهوا الشباب بالغراب والغداف قبح هذا التشبيه تشبيه المختلط بالغراب الأبقع. قلنا: هو كذلك، إلا أن هذا لا يدفع استغراب هذا التشبيه وإنه غير متداول مبتذل.
وممن سبق إلى هذا المعنى أبو حية النميري في قوله:
زمان علي غراب غداف * فطيره الشيب عني فطارا ووجدت لبعض الأعراب ممن لا أعلم تقدمه لزمان أبي حية أو تأخره:
وكأنما الشيب الملم بلمتي * باز أطار من الشباب غرابا ونظير بيت الأعرابي قول أبي دلف:
أرى بازي المشيب أطار عني * غرابا حب ذلك من غراب ومثله لابن المعتز:
وأرسل الشيب في رأسي ومفرقه * بزاته البيض في غرباني السود ونظير قول أبي حية ليزيد بن الطثرية:
وأصيح رأسي كالصخيرة أشرفت * عليها عقاب ثم طار غرابها ولي أيضا:
صدت وما صدها إلا على ياس * من أن ترى صبغ فوديها على رأسي