والعجز إنما يصح القدرة عليه.
قيل لهم: فكذلك ما كان في الأصل مستحيلا أن يعلم بالأدلة العقلية لم يجز أن يقال: إنه يقدر عليه أو يعجز عنه، ويعاد عليهم ما ذكرناه من العلم بالكائنات الغائبات.
[نفي الاضلال ليس من التعجيز في الفعل] ثم يقال لهم: بالفصل بينكم وبين من قال إنه لو لم يجز أن يظهر الله المعجزات على النبيين لم يكن القديم تعالى موصوفا بالقدرة على أن يضل الناس عن الدين هذا الضرب من الضلال وأن يلبس عليهم هذا النوع من التلبيس، وقد ثبت أن القدرة من صفات ذاته والتلبيس من صفات فعله. وهذا وجه يمكن أن يضل منه عن الدين، فلو لم يصح أن يفعله لكان ذلك تعجيزا له.
فإن قالوا: لا يكون ذلك تعجيزا، لأنه قادر على أن يضلهم بغير هذا الضرب من الاضلال.
قلنا لهم: فقولوا أيضا بما ألزمناكموه ولا يكون يعجز الله تعالى، لأنه قادر أن يعلمهم الصادق من الكاذب من جهة الدليل، بأن يضطرهم إلى ذلك. وهذا هدم لهذا المذهب وقبض لألسنتهم عن الشغب.
فإن قالوا: هو قادر على ذلك لكن لا يفعله لئلا يخرج بفعله إياه عن صفة (1) هو عليها لنفسه.
قيل لهم: إن خروج الشئ عن صفة هو عليها لنفسه لا يكون مقدورا، وإن كان مثل هذا يجوز أن يكون مقدورا فما أنكرتم أن يكون قد فعله، فخرج عن