وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
قال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي وهو ابتداء قصيدة نسج المشيب له لفاعا مغدفا * يققا فقنع مذرويه ونصفا نظر الزمان إليه قطع دونه * نظر الشفيق تحسرا وتلهفا ما أسود حتى أبيض كالكرم الذي * لم يأن حتى جئ كيما يقطفا لما تفوقت الخطوب سوادها * ببياضها عبثت به فتفوفا ما كاد يخطر قبل ذا في فكره * في البدر قبل تمامه أن يكسفا ووجدت أبا القاسم الآمدي يذكر في كتابه المعروف (بالموازنة بين الطائيين) في البيت الأول من هذه الأبيات شيئا أنا أذكره وأبين ما فيه، قال: معنى قوله (نصفا) أي قنع جانبي رأسه حتى يبلغ النصف منه. قال: وقد قيل: إنما أراد بقوله (نصف النصيف) وهو قناع لطيف يكون مثل نصف القناع الكبير، وقد ذكره النابغة، فقال:
* سقط النصيف ولم ترد إسقاطه * ثم قال: وذلك لا وجه له بعد ذكر القناع، وإنما أراد أبو تمام ما أراده الآخر بقوله:
أصبح الشيب في المفارق شاعا * واكتسى الرأس من مشيب قناعا قال: فالمعنى مكتف بقوله (قنع مذرويه) وقوله (نصفا) أي بلغ نصف رأسه.
وهذا الذي ذكره الآمدي غير صحيح، لأنه لا يجوز أن يريد بقوله (نصفا) أي بلغ نصف رأسه، لأنه قد سماه لفاعا، واللفاع ما اشتمل به المتلفع فغطى جميعه