بي كأنه عائد لي، لأنه يظهر من الجزع والتألم ما يظهره العائد. ولا شبهة في أن الشيب ليس بسقم على الحقيقة فيعاد صاحبه.
وأما قولي " وأجفى بلا جرم " فيتردد في الشعر كثيرا، وإنما يفضل موضع فيه على آخر لحلاوة العبارة وطلاوتها واختصارها وحسن موقعها.
وتشبيه وقوف النساء على الشيب بوقوفهن على الرسم الدارس المحيل واقع، لأن الرسم لا منفعة في التعريج إليه والوقوف عليه ولا فائدة فيه ولا متعة به، وكذلك الشيب عند النساء ولا شبهة في أن ذا الشيب يستضعف جلده فلا يدعى إلى الحرب وإنما يدعى للسلم والموادعة. وهذا من جهات ذم الشيب.
ولي في الشيب، وهي قطعة مفردة:
شعر ناصع ووجه كئيب * إن هذا من الزمان عجيب يا بياض المشيب لونك لو أنصفت رائيك حالك غربيب صد من غير أن يمل وما أنكر شيئا سواك عني الحبيب يا مضيئا في العين تسود منه * كل يوم جوانح وقلوب ليس لي مذ حللت يا شيب في رأسي كرها عند الغواني نصيب ولخير من لونك اليقق المشرق عندي وعندهن الشحوب رحن يدعونني معيبا وينبذن عهودي وأنت تلك العيوب أردت أن نصوع الشعر وإشراقه يضاد اكتئاب الوجه وقطوبه فكيف اتفقا، وهذا يحقق أن النصوع والأشراق محمود في كل شئ إلا في لون الشيب.
ومعنى " إن لونك حالك غريب لو أنصفت " لأنه جالب للهم والحزن،