حكيم لا يفعل القبيح بأمره أو بفعله إياه قبل الأدلة العقلية التي هي تدل على أن القبيح لا يجوز عليه، فكيف أنكرتم مثل هذا علينا؟
قيل له: بمثل ما قلنا طلبناك، وذلك أنه لما كان ابتداء الاستدلال بذلك غير ممكن أحلناه وقلنا: إن القديم تعالى لا يجوز أن يوجب الاستدلال به، ولا أن يجعله دليلا على ما لا يمكن أن يستدل به علينا.
فإن كنا قد بينا أن الاستدلال بالمعجز على سياق يحب أن يكون كذلك، فلا نقول: إنه لو لم يكن الفصل به بين الصادق والكاذب لأدى ذلك إلى تعجيز الله تعالى، إذ المحال لا يصح القدرة عليه ولا العجز عنه، كما قلنا نحن فيما ذكرته عنا. فقد بان أنه لا متعلق لهم بشئ من الرسل على وجه لا سبب. نعوذ بالله من الحيرة في الدين.
[معجزية القرآن الكريم] فأما القرآن فإنه يعلم أنه كلام الله تعالى أو حكاية لكلامه أو إفهام لكلامه - على ما يطلقه بعضهم - بخبر الرسول صلى الله عليه وآله. وذلك أنه لا يمتنع أن يخلق الله تعالى القدرة على نظمه والعلم بكيفية تأليفه ووصفه على الوجه الذي لكونه عليه يكون بليغا فصيحا قدرا من الفصاحة والبلاغة لم تجر العادة بمثله في بعض البشر، أما من جاء به أو في ملك من الملائكة أو لجني من الجن ونحو ذلك.
وإذا كان هذا سابقا في قدرة الله تعالى ولم يكن قبح ذلك وكونه استفسادا مانعا من وقوعه من الله تعالى وكنا قد بينا أن العلم بصدق الرسول متعذر على أصولهم. فلا طريق لهم إلى العلم بأنه كلام الله تعالى عينا أو حكاية أو إفهاما.
فإن قالوا: قد علمنا أنه لم يكن من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله لعلمنا